عبد الحكيم اسباعي الصباح صور الجيلالي الخالدي أشعلت قرارات أصدرها والي الجهة الشرقية، محمد مهيدية، فتيل احتجاجات عارمة بالريف، بعد موافقته على وضع مساحة تناهز 200 هكتار موضوع نزاع قديم بين السكان وإدارة المياه والغابات لاحتضان مصنع ضخم للإسمنت في ملكية مجموعة عقارية مشهورة. ويتوقع نشطاء في المنطقة أن تستمر احتجاجات السكان وتتخذ أبعادا غير مسبوقة بعد المسيرة الاحتجاجية التي شهدها مركز «تزطوطين»، أول أمس (الاثنين)، وشارك فيها حوالي 500 شخص، في حال عدم إيجاد حل يحفظ حقوق حوالي عشرة دواوير متضررة من مشروع تفويت العقار للمجموعة المذكورة. وقالت مصادر مطلعة ل«الصباح» إن والي الجهة الشرقية وجد نفسه في وضع غير قانوني، لأن العقار سالف الذكر موضوع نزاع رغم وضع إدارة المياه والغابات يدها عليه، من جهة، ومطالب السكان الفقراء الذين ما فتئوا يدقون الأبواب لاسترجاع أراضيهم التي ورثوها عن أجدادهم، من جهة أخرى. وفي محاولة لامتصاص «انتفاضة اجتماعية» وشيكة بالمنطقة، عقد عامل إقليمالناظور، أمس (الثلاثاء)، جلسة حوار مع لجنة تمثل ملاك الأراضي الأصليين، في محاولة لإيجاد صيغة تحفظ حقوقهم من الضياع، بعد تلقيهم تهديدات وتعرضهم لضغوط قوية لقبول الأمر الواقع. وكما تتبعت ذلك «الصباح»، نال والي الجهة الشرقية نصيبه من الشعارات المناهضة إلى جانب رئيس المجموعة، كما رُفِعت لافتات تطالب بحماية حقوق السكان الأصليين ورفع الضغوط الممارسة عليهم للتنازل عن أراضيهم، واستنفرت المسيرة الاحتجاجية عناصر الأمن وممثلي السلطة المحلية الذين سارعوا إلى تسجيل كل كبيرة وصغيرة لرفع تقارير إلى الجهات المركزية. وفي خطوة لتدارك الموقف بشكل فوري حتى لا تنفلت الأمور وتشتعل احتجاجات عارمة في المنطقة، صادق مجلس جماعة «تزطوطين»، التابع لها العقار المذكور، بالإجماع، في 29 أكتوبر الماضي، على رفض تمكين الشركة من الاحتلال المؤقت للملك الغابوي موضوع النزاع، مشترطا في المقام الأول تسوية الخلاف القائم بين إدارة المياه والغابات وسكان الدواوير المعنية. وقال متضررون، في تصريحات ل«الصباح»، إن إدارة المياه والغابات اعتمدت على أساليب ملتوية لوضع يدها على العقار وضمه إلى الملك الغابوي، فبعد نيلها موافقة الملاكين البسطاء على تشجير العقارات المملوكة لهم أبا عن جد بدعوى منحهم حق الاستفادة من منتوجها، مهدت الطريق لسلوك إجراءات التحديد ونصب الحدود، في حين كان يتم إفهام السكان أن الأمر يتعلق بأشغال حفر آبار جوفية عميقة ستوفر مياه الري لسقي أراضيهم الفلاحية. وفي سياق متصل، استغربت المصادر ذاتها الخروقات المسطرية الفادحة التي وقعت فيها ولاية الجهة الشرقية، وكيف تم الترخيص للمشروع في إطار لجنة الاستثناءات التي يترأسها والي الجهة، ومنح المجموعة معاملة تفضيلية من خلال عدد من القرارات التي استبعدت نهائيا أي نوع من التأثيرات البيئية على سكان الدواوير القريبة وعلى الاستثمارات الفلاحية المهمة المنجزة بالمنطقة. يذكر أن شركة الإسمنت المملوكة للمجموعة العقارية كانت تعتزم إقامة مصنع ضخم بالمنطقة واستغلال المساحات الواسعة المحيطة به مقلعا للمواد الخام، قبل أن تصطدم بمعارضة سكان حوالي عشرة دواوير يشملها العقار المذكور، بدعوى ملكيتهم له أبا عن جد ووجودهم في نزاع قديم مع إدارة المياه والغابات لاسترداد حقوقهم المغتصبة، على حد وصفهم. تعليق