استعرض رئيس مجلس المنافسة، أحمد رحو، حصيلة عمل المجلس برسم السنة الماضية، مؤكدا أن "2023 عرفت 200 عملية تدخُّل قامت بها سلطة المنافسة حول التركيزات الاقتصادية بالمغرب"، ومبرزا أن هذه العمليات "كانت تحت إشراف مباشر من مجلس المنافسة"، وقال بهذا الشأن: "اشتغلْنا على 200 عملية، وهو رقم قياسي. وركّزْنا على التركيزات والتكتلات التجارية من خلال معالجة مجموعة من الملفات، وهو ما كان يأخذ وقتا طويلا يقارب 3 إلى 4 أسابيع". رحو، الذي كان يتحدث خلال افتتاح "اللقاء السنوي لمجلس المنافسة مع وسائل الإعلام"، في دورته الثالثة، اليوم الخميس بالرباط، أكد أن التدخل العملياتي للمجلس في رصد النسيج الاقتصادي الوطني تضمَّن الاشتغال على عمليات التركيز أو التكتل الاقتصادي لعدد من الفاعلين، وهي عملية قانونية تتيح "نشر الأنشطة الاقتصادية غير المعلنة"؛ كما نوّه بتحرك المجلس خلال السنة الماضية لإيقاف استيفاء رسوم الأداء الإلكتروني من خلال مجهود بُذل منذ أشهر، وتواصل وتتبع دقيق مع المعنيين، خاصة بالنسبة لأداء فواتير الماء والكهرباء عبر الإنترنت، أو تضريب بعض الخدمات. ملف المحروقات لم يفت رحو، ضمن كلمته، أن يتوقف عند "ملف المحروقات الشائك والمثير للجدل والنقاش العمومي" بحسبه، موردا في هذا الصدد: "اتخذنا إجراءات، وتم حل بعض القضايا عن طريق عقوبات أو غرامات مالية، خاصة مع وجود إمكانية حل بعض الملفات الشائكة، ومن بينها ملف المحروقات الشائك، الذي أعدْنا فتحه، وفرضنا غرامة مالية، وذلك بعد أن تم تبليغ مجموعة من المؤاخذات قبل اللجوء إلى إجراءات اتخذها مجلس المنافسة من أجل إحاطة الشركات بالأسعار التي تعرف تغيّرا كبيرا، وهو إجراء إيجابي يدخل في إطار الحركية الانتقالية التي يعرفها المجلس". وفي تفاعله مع أسئلة الإعلاميين أكد المسؤول ذاته ما سبق أن أعلنه في حوار سابق مبرزا أن "المجلس سيقوم كل ثلاثة أشهر بإجراء تقييم ومراقبة دقيقة لسوق المحروقات بالمغرب، قبل نشر البيانات المتاحة بعد إجراء تقييم"، وزاد: "كما قررنا القيام بدراسة لسوق المحروقات وتقييم أدائها عام 2023". وأقرّ رئيس مجلس المنافسة بأن "ارتفاع أسعار الطاقة، بسبب سياقات عالمية جيوسياسية، يمسُّ كل فروع قطاعات النقل أو الإنتاج في جميع المجالات، كما أنه عامل مُسهم في تحديد السعر النهائي لعدد من المنتجات المستهلكة؛ لذلك فإن مراقبة المنافسة مهمة للمستهلك والمنتجين"، مشيرا إلى أن "المجلس طالَب الحكومة بتوضيح أو تعديل بعض المسائل القانونية عبر مراسيم لفتح المجال أمام فاعلين جدد في سوق المحروقات بالمغرب"، وواصل: "سنُتابع مآل مقترحاتنا وعمَلِنا بشكل متسق مع الفاعلين الحكوميين". "معالجة ملفات حساسة" "مجلس المنافسة يعمل على معالجة الملفات الأكثر حساسية أو التي تمس المجتمع"، يورد رحو أمام وسائل الإعلام الحاضرة، إلى جانب خبراء دوليين في مجال المنافسة، ضاربا المثال بأن "التدخل لا يقتصر فقط على الجانب الودي التصالحي، بل قد يصل في حالات عديدة مخالفة لقانون المنافسة وحرية الأسعار إلى المسار التنازعي/القضائي". وبالنسبة لمدى قانونية فرض رسوم الأداء الإلكتروني على دافعي الفواتير بشكل إلكتروني، إذ يؤدي الزبون ثمنا إضافيا حتى وإن قام بدفع التكلفة، جدد المتحدث موقف المجلس بأن "هذه الرسوم هي إجراءات تعسفية في حق الزبون"، وزاد: "لذلك تحرّكْنا من أجل مطالبة الشركات بإعفاء المواطنين من هذه الزيادات، ونَجحْنا في ذلك". اقرأ أيضا... * جمعية يهودية تقدم منح تفوق لتلاميذ باكالوريا بالمغرب؟ * هل تتاجر اوربا بتأشيرات المغاربة في 2024؟ * هكذا هاجمت الجزائر المغرب من قلب الرباط؟ * تغييرات مثيرة في ترتيب المغرب و الجزائر بعد الكان؟ ومضى رئيس مجلس المنافسة شارحاً: "عند تسجيل أيّ مخالفات في الأسعار نتدخل، وإذا لم يتم تعديل سياسات الشركة بعد تسجيل المؤاخذات وإحاطتها بما يجب تعديله يتم اللجوء إلى القضاء. ولا نتوقف إلى حين صدور قرار في صالحنا". ورد رحو على تساؤل حول قيام مجلس المنافسة بفرض قوانين على المنافسة في الأسواق، كاشفاً عمل المؤسسة على ذلك، مردفا: "كما نقوم بعمليات رصد أي إجراء يؤثر على القدرة الشرائية أو الأداء الاقتصادي لأي قطاع"، وزاد: "نعمل على إبداء رأينا حول وضعية المنافسة في قطاع ما، والإجراءات الواجب تطويرها أو تجنّبُها". واعتبر المسؤول عن سلطة المنافسة أن "كل القوانين التي تم تنفيذها أو تغييرها تهمّ مباشرة الأسعار وتحديدها، ولهذا إذا كانت هنالك توصيات لتغيير أو تطوير نص قانوني نقوم بمراسلة الجهات الرسمية بضرورة إدراج قانون يهم قطاعا معينا، أو تجديد إطار تشريعي لحالة منافسة معينة"، وتابع: "هناك إطار كبير من أجل تطويره والعمل على تجويد الإطارات القانونية". علاقة "المنافسة" بالإعلام على صعيد العلاقة بين مجلس المنافسة ووسائل الإعلام شدد رحو على أهمية الحفاظ على صِلة تواصل بين الطرفين، موردا مجهودات مجلسه للعمل أيضا على "نشر التدابير والإجراءات والمتابعات القضائية وإتاحتها للإعلام بطريقة مبسطة وإحاطته بما يقوم به المجلس". ولفت المتحدث ذاته إلى أن "العمل المشترك مع وسائل الإعلام يضمَن عملاً متكاملاً وإطلاعاً للرأي العام على تفاصيل وحيثيات كل ملف"، وزاد: "دور المنافسة كان يتم تجاهله بطريقة تامة، لكنه اليوم أضحى مهما جدا كدور تحكيمي في السوق الوطنية. وأعتقد أن جودة أعمالنا تنعكس في إصداراتنا ومنشوراتنا". وحسب المسؤول ذاته فإن اللقاء السنوي "فرصة للتبادل مع الصحافيين حول إجراءات المجلس ومناقشة قضايا قانون المنافسة والاقتصاد"، منوها بإتاحة "فرصة لعرض حالات عملية وتجارب مقارنة يقدمها خبراء دوليون، أسهمت في احترام قانون المنافسة وفي تعزيز ثقافة المنافسة بين الجهات الفاعلة الاقتصادية وعامة الجمهور". كما سجل رحو بإيجابية "دور وسائل الإعلام بصفتها جهات فاعلة مهمة في منظومة التنافسية، عبر زيادة الوعي بقواعد المنافسة الحرة والنزيهة"، مؤكدا أنها "تسهم في تعزيز مبادرات المجلس لتهيئة مناخ تنافسي يتماشى مع مصالح الشركات والمواطنين". يشار إلى أن هذا اللقاء شكل أيضا فرصة لمنح "جائزة مجلس المنافسة للبحث" للفائزين الذين تم اختيار أعمالهم، من أجل "مكافأة أطروحات الدكتوراه وأطروحات الماجستير في الاقتصاد والإدارة وقانون المنافسة".