بعد أسابيع متوالية من "شح السماء" وانخفاض ملموس لدرجات الحرارة وموجات صقيع (خاصة بالليل وبداية الصباح) ما تسبب في قرْعٍ رسمي لجرس الإنذار بخصوص "الوضعية المائية الحرجة" حتى إن "شبح العطش" بات يحوم غير بعيدٍ فوق رؤوس المغاربة، تشير معظم "التوقعات" بعدد من مواقع الرصد العالمي المختصة في تتبع وتحديث أحوال الطقس إلى تساقطات مطرية في معظم مناطق المملكة وأخرى ثلجية بالمرتفعات. وفقا لتوقعات المواقع المذكورة، فإن البلاد "يمكن أن تُسجل هطول أمطار مهمة مع بداية العام الجديد 2024، إذ "من المتوقع هطول الأمطار يومَي الخميس والجمعة 4 و 5 يناير في مناطق عديدة؛ مثل سايس والأطلسيْن الكبير والمتوسط، وصولا إلى سهول آسفي وعموم وسط المملكة". وكشفت خرائط الرصد، في تحليلها للتوقعات المناخية من بحر الأسبوع الجاري إلى غاية مطلع نهايته، توقعات لزخات "متفاوتة" تعم "مناطق وأقاليم الشمال إلى الوسط والشرق والريف"، ثم الأطلس الكبير والمتوسط مرورا بسهول جهة مراكشآسفي. "الليالي".. ذروة الفصل البارد حسب إيضاحات وتفاصيل أكثر حول تطورات ومستجدات الحالة الجوية المرتقبة بالمغرب، فإن "الحالة الجوية تميزت خلال هذه الأيام بطقس مستقر وبارد ليلا مع تكون صقيع محلي خلال الصباح والليل فوق كل من المرتفعات، والمناطق الشرقية، السهول الداخلية للبلاد". وعلق مسؤول التواصل بالمديرية، التابعة لوزارة التجهيز والماء، قائلا: "هو شيء عادي في هذه الفترة؛ لأننا في فترة فصل الشتاء، وهذه الفترة هي المعروفة عندنا في الموروث الفلاحي ب"الليَالِي" باعتبار هذه الفترة ذروة الفصل البارد". ويعزى استمرار هذا "الطقس المستقر" خلال الأيام الماضية، حسب إفادات وشروحات المصدر الرسمي ذاته، إلى "استمرار تأثر بلادنا بالمرتفع الآصوري؛ وهو منطقة ضغط متمركزة بجُزر 'Açores' (الواقعة بالمحيط الأطلسي) تمتد إلى بلادنا". "سُحب ممطرة في الأفق" بالنسبة للتوقعات، أكدت مديرية الأرصاد الجوية المغربية ما تداولته المواقع العالمية لرصد الطقس، موردة أنه "ابتداء من مساء يوم الخميس -بحول الله- ستعرف الحالة الجوية العامة تغييرا بحيث سيهُم بلادنا تيار شمالي–غربي رطب يفتح المجال لمرور سحب ممطرة ستهم شمال وشرق البلاد"، لافتة إلى أن "هذه التساقطات ستصل بكمية ضعيفة إلى المناطق الوسطى للبلاد". أما يوم الجمعة المقبل (5 يناير)، فإن أحدث توقعات المديرية المختصة تفيد بأن "الطقس سيبقى غائما مع بعض التساقطات المطرية مُحتمَلة بالمناطق الشمالية والوسطى، وكذا الواجهة المتوسطية وأقاليم الأطلس الكبير والمتوسط" هذا مع توقعات ب"تساقط الثلوج مرتقبة بمرتفعات الأطلس الكبير والمتوسط خلال الجمعة". "تأثير جيد على الفلاحة" في سياق متصل، قال رياض أوحتيتا، خبير فلاحي، إن هذه التساقطات المرتقبة في الأسبوع الأول من يناير الجاري، سيكون لها الأثر الإيجابي العام، سواء على الفرشة المائية (السطحية أساسا) مع انتعاش حقينة سدود المغرب التي بلغت نقصا سنويا قُدر وفق أحدَث المعطيات الرسمية ب 31 في المائة عند متم سنة جافة 2023′′. فضلا عن السدود، شدد أوحتيتا، في إفادات تحليلية على أهمية تساقطات يناير من الأمطار كما الثلوج في "دعم رصيد خزانات المياه الموجهة إلى الأنشطة الفلاحية التي تشكل عصَب الاقتصاد المغربي"، مبرزا أن الآثار الإيجابية مِن المحتمل أن تطال "عددا من الزراعات الخريفية والشتوية (خاصة البطاطس والبصل...) وكذلك مختلف أنواع القطاني، كما ستكون دفعة قوية لزراعة الأشجار المثمرة؛ لا سيما الحوامض والأشجار التي تقترب من فترة الإزهار وبروز البراعم". أما بالنسبة للحبوب، فأورد الخبير الفلاحي أن هذه التساقطات ستُبهج أكثر "فلاحِي منطقة الغرب والشمال وكذا بعض مُزارعي مناطق دكالة الذين بادروا إلى الزرع والبذر في أكتوبر الماضي، قبل أن تتميز التساقطات بتذبذب ملحوظ طيلة الأشهر الثلاثة الماضية". ولم يفُت المصرح أن يؤكد إيجابية الأمطار والثلوج "لضمان نمو النباتات وتكثير الكلأ اللازم للماشية في المراعي، لا سيما مع اقتراب وتسارع الاستعدادات لمناسبة عيد الأضحى هذا الموسم"، مرجحا أن "تنخفض أسعار اللحوم وبعض الخضر؛ لكن شريطةَ انخفاض موجات البرد والصقيع وانتظام التساقطات". "أمطار خير تُسعد الفلاح" أحمد الهوتي، خبير في الهندسة القروية أحد أعضاء "المجموعة الفرعية للماء" لخريجي معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، اعتبر أن "المغرب، وفلاحيه على الخصوص، ينتظرون بفارغ الصبر منذ شهرين تساقطات مطرية مهمة، بعد أن غابت عنهم بمجرد أن باشروا الزرع وتسميد الأراضي". "كل نقطة ماء تسقط بالمغرب تبقى مُرحبا بها ومطلوبة جدا في هذه الظرفية الحرِجة والحساسة"، قال الهوتي قبل أن يزيد: "طالبينَ ومستغيثين الله أن يمُدنا بالمزيد، لأن الأرض ما زالت عطشى وجافة". ورصد الخبير في الهندسة القروية بأن أمطار هذا الفصل تعد "حاسمة"؛ بالنظر إلى ما وصفه ب"تأثير نفسي سيكولوجي على الفلاحين المغاربة وانتعاش موسمهم وحُسن سيْره، سواء من حيث نمو الزراعات وتربية المواشي". بالمقابل، سجل المتحدث عينه الحاجة الماسة إلى "فترة أمطار أطول في أفق امتلاء سدود الأطلس الكبير والمتوسط ومناطق الريف"، خاتما بنبرة حذَرٍ ممزوج بالتفاؤل: "الأمطار يجب ألا تدفعنا إلى الارتياح التام والتقاعس في تدبير وتسيير الموارد المائية الحالية المتبقية في حقينة السدود أو في جوف الأرض"