بعد أن ظل حبيس ردهات البرلمان لسنوات، صادق مجلس النواب، الاثنين، بالإجماع على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، في جلسة عمومية بالغرفة الأولى للبرلمان. تأتي المصادقة على مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية، بعد أن أثير حوله جدل كبير خلال مراحل مناقشته بين الأغلبية والمعارضة، حيث يحدد المشروع مراحل تفعيل اللغة الأمازيغية وكيفية استعمالها في إدماجها في التعليم والإدارة ومجالات الحياة العامة ذات الأولوية، ويلزم الدولة بحمايتها وتنميتها باعتبارها رصيدا مشتركا لكافة المغاربة. وتتمحور أبرز مقتضيات القانون الجديد حول المبادئ العامة المؤطرة لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، من خلال إقرار كتابة اللغة الأمازيغية بحرف تيفيناغ، العمل على إدماجها في مجال التعليم، وفي مجال التشريع والعمل البرلماني والتقاضي، وفي مجالات الإعلام والإبداع الثقافي والفني وفي مختلف وسائر المرافق العمومية، والفضاءات العمومية. في هذا السياق، قال النائب البرلماني عن حزب الاستقلال، الحسين أزوداغ، إن المصادقة على مشروع القانون مهمة حتى لا نضيع وقتا أكثر، مشيرا أن الغاية هي "التنزيل الفعلي للأمازيغية ومتابعة ورصد إلى أي حد تلتزم الحكومة بتفعيل مقتضياتها القانونية في كافة مناحي الحياة، عموديا وأفقيا، وأيضا تتبع عمل القطاعات الحكومية في رصد الإمكانيات والدعم له". وأضاف النائب الاستقلالي في تصريح لموقع القناة الثانية، أن الترسيم الشكلي لا يجب أن يكون الهدف من اللغة ولا يجب اختزالها في التواصل والمجال الشفهي بل في ترسيمها الحقيقي والشمولي، كاشفا أن الفريق الاستقلالي كان مصرا على إخراج القانون إلى حيز التنفيذ في أقرب الآجال، "منذ سنة وضعنا تعديلات لكن لم تتم الاستجابة لها من طرف الحكومة ورئاسة اللجنة". وأرجع المتحدث تأخر المصادقة على مشروع القانون إلى ما أسماه الاختلافات وتباين الرؤى بين الأحزاب. ومن بين أبرز نقط الخلاف، يضيف المتحدث، مسألة إدراج حرف تيفيناغ في الأوراق المالية والنقطة المتعلقة بتقليص الآجال والمدد الزمنية المحددة في المشروع على مستوى تنفيذه في مجالات التعليم والتعاملات الإدارية، معتبرا أن الزمن التشريعي والدستوري الذي تم هدره في ثمان سنوات كان كفيلا لتعميم اللغة. وحول "تذويب" المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في المجلس الوطني للغات، لم يخف النائب البرلماني أسفه عن هذا الإجراء، قائلا: "كنا نطمح بأن يبقى المعهد مؤسسة مستقلة ماليا وإداريا داخل المجلس حتى تواصل العمل الذي تقوم به، القيام بهذا الإجراء تفسير ضيق، لكلمة أو مصطلح "يضم" الواردة في الفقرة السادسة من الفصل الخامس للدستور". وفي تعليقه على المصادقة، قال وزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج، إن مشروع القانون التنظيمي يهدف إلى تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في مختلف المجالات العامة ذات الأولوية، من خلال مقتضيات تمحورت حول المبادئ العامة المؤطرة لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وإدماجها في مجال التعليم، وفي مجال التشريع والعمل البرلماني، وفي مجال الإعلام والاتصال، وكذا في مختلف مجالات الإبداع الثقافي والفني وفي الإدارات وسائر المرافق العمومية، والفضاءات العمومية و مجال التقاضي. و أبرز الأعرج، في بلاغ للوزارة، أن مشروع القانون التنظيمي يروم تنمية وتعزيز قدرات الموارد البشرية العاملة بالقطاعين العام والخاص في مجال التواصل بالأمازيغية مع المرتفقين، فضلا عن تعزيز الأبحاث العلمية المرتبطة بتطوير الأمازيغية وكذا تشجيع دعم الإبداعات والإنتاجات والمهرجانات الأمازيغية بالإضافة إلى إدماج الثقافة والتعابير الفنية الأمازيغية في مناهج التكوين الثقافي والفني بالمؤسسات المتخصصة العمومية منها والخاصة. ولفت الوزير إلى أن مشروع هذا القانون التنظيمي يروم دعم قيم التماسك والتضامن الوطني، وذلك من خلال المحافظة على هذه اللغة وحماية الموروث الثقافي والحضاري الأمازيغي، وكذا العمل على النهوض به، فضلا عن ترصيد المكتسبات الوطنية المحققة في هذا المجال وتطويرها.