تنطلق مساء يومه، الأربعاء ، الدورة 15 للمهرجان الدولي للموسيقى والغناء "تيميتار، علامات وثقافة"، الذي اتضح من خلال الكشف عن برنامج المهرجان وطبيعة ضيوفه ، أن هذا الموعد الاحتفالي والفني السنوي لا زال وفيا للشعار الذي اختاره منذ أول دورة وهو:"الفنانون الأمازيغ يحتفون بموسيقى العالم". فجريا على ما تعود عليه جمهور هذا المهرجان الغنائي الدولي المتفرد في تيمته ، سيستمتع سكان مدينة الانبعاث وزوارها من السياح الوافدين من باقي المدن المغربية ،علاوة عن السياح الأجانب ، بأحسن ما جادت به قريحة الفنانين الأمازيغ من أجمل الأغاني والأشعار، وأعذب الألحان والإيقاعات التي تنهل من التراث الامازيغي المغربي الأصيل ، الذي يعكس جانبا مشرقا من حضارة ضاربة في عمق التاريخ. فرقصة "أحواش" على سبيل المثال لا الحصر ، تشكل لوحدها هوية مميزة الفنون الغنائية الأمازيغية خاصة في مناطق سوس وماسة ودرعة ، حيث يتخذ هذا النمط التعبيري الفني أشكالا مختلفة، سواء تعلق الأمر بالغناء، أو الرقص، أو الإيقاعات . كما يسري التنوع المميز لفن أحواش على الأدوات الإيقاعية المستعملة، وعلى الأدوار المتبادلة أثناء الأداء بين الرجال والنساء، وأحيانا يختلطان معا في طقس احتفالي جماعي. وإلى جانب "أحواش"، هناك رقصة "تاسكوين" الشهيرة في عدد من المناطق الجبلية بإقليم تارودانت، والتي تتميز بدورها بخاصيات فنية فريدة من نوعها . كما تتميز بتنوع وتعدد إيقاعاتها القوية ومن جملتها ، على سبيل المثال لا الحصر ، إيقاعات "أجغاين" ، و"بوتسكا"، و" أسكاور"، و"أومحمود"، و"أهياض"، و"فتش أكال" ، و"حرك أوشن"، وغيرها من الإيقاعات الأخرى. وعلاوة عن تعدد وتنوع إيقاعاتها، فإن رقصة "تاسكوين"تتميز أيضا بثراء حمولتها الثقافية والرمزية كموروث تراثي أمازيغي ، حيث أجمعت مختلف الأبحاث المتخصصة التي تناولت هذه الرقصة التي يؤديها الرجال فقط دون النساء ، أنها رقصة حربية تحيل على معاني القوة والشجاعة والاستعداد للمعركة وتعقب العدو، ونشوة الانتصار . واعتبارا لكل هذه المميزات والخصوصيات التي تنفرد بها رقصة "تاسكوين"، التي تؤدى على شكل دائرة مغلقة، فقد تم اعتمادها مؤخرا ضمن قائمة التراث الشفاهي الإنساني المعتمدة من طرف منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونسكو" . وبناء على هذا الاعتبار قررت "جمعية تيميتار" المنظمة للمهرجان تخصيص جلسة ضمن البرنامج الثقافي الموازي للشق الغنائي في دورة هذه السنة من أجل تسليط الأضواء على هذه الرقصة. وإلى جانب "أحواش" و"تاسكوين" ، تحضر في السهرات الغنائية للدورة 15 لمهرجان "تيميتار" أصناف أخرى من الفنون الغنائية التراثية الأمازيغية من قبيل "أحيدوس" و" الركبة"، إضافة إلى التعابير الغنائية الأمازيغية الأخرى التي تمزج بين ما هو تراثي وما هو عصري ، سواء في ما يتعلق باستعمال الآلات الغنائية، أو توظيف الايقاعات الموسيقية ، أو الاقتباس الفني من الأنماط الغنائية العصرية المغربية والأجنبية. ومن جملة الفنون الغنائية الأجنبية التي سيرحب بها الفنانون الامازيغ هذه السنة ، هناك العديد من الأنماط الغنائية والموسيقية التي تعكس بصورة جلية انفتاح "تيميتار" على التجارب الغنائية التراثية والعصرية عبر مختلف بقاع العالم ، حيث سيشارك في هذه الدورة فنانون من جامايكا ، والولايات المتحدة ، ولبنان ، ومصر، ومالي، و مدغشقر، وكوبا، وجزر الكناري، والجزائر، وتونس، والنيجر،وفرنسا،والسنغال،وهولندا،وفرنسا ،إضافة إلى إسبانيا . كما يفتح مهرجان "تيميتار" المجال للتلاقح بين الفنون الغنائية الأمازيغية من جهة، وباقي أصناف الفنون الغنائية المغربية كما يتجلى ذلك من خلال قائمة الفنانات والفنانين المغاربة الحاضرين في الدورة 15 ، والذين يحظى العديد منهم بشعبية واسعة لدى الجمهور المغربي خاصة فئة الشباب، ومن ضمن هؤلاء الفنانات والفنانين ، على سبيل المثال لا الحصر، هناك دنيا باطما ، والدوزي ، و أيمن السرحاني ، و زينة الداودية ، وفريد غنام، وغيرهم. وستعرف دورة هذه السنة تقديم 40 عرضا فنيا ، في ثلاث منصات موزعة على أماكن استراتيجية بمدينة الإنبعاث ، أهمها "ساحة الأمل" في قلب مدينة أكادير ، حيث من المنتظر أن يحج لمتابعة السهرات المبرمجة في إطار الدورة 15 أزيد من 1 مليون و 250 ألف متفرج . بينما يصل عدد الموسيقيين والمطربين الذين سينشطون حفلات المهرجان أكثر من 400 فنان و فنانة. وجريا على عادته خلال الدورات السابقة ، فقد سطر مهرجان "تيميتار" برنامجا ثقافيا موازيا يتكامل مع الشق الغنائي والموسيقي لهذه التظاهرة الفنية الدولية ، حيث سيتم بهذه المناسبة تنظيم عدد من الأنشطة الثقافية والفكرية والفنية من ضمنها على الخصوص تنظيم ندوة دولية حول موضوع" الامازيغية في عصر الرقمنة" بشراكة مع "جمعية الجامعة الصيفية" ، إضافة إلى تنظيم مائدة مستديرة حول موضوع "ما هي الفائدة من الفن والثقافة " ، وذلك بمشاركة ثلة من الباحثين والأخصائيين في مجالات الفنون والآداب والثقافة. ويتضح من خلال البرنامج المسطر في الدورة 15 لمهرجان "تيميتار" أن هذا الملتقى الثقافي والفني السنوي ظل وفيا لقيمه ومبادئه المتمثلة في تقريب جمهور أكادير وزوارها من الغنى الثقافي الوطني والعالمي ، كما استطاع المهرجان مع مرور دوراته الحفاظ على قيمته الراسخة المتمثلة في المشاركة والتفاعل بين الموسيقى الأمازيغية وموسيقى العالم.