لأن لشهر رمضان عاداته وتقاليده التي تميزه عن باقي فترات السنة، ولأن هذه العادات تفوح بعطر أجواء هذا الشهر الفضيل، التي تتوزع بين الروحي والاجتماعي والثقافي والاستهلاكي، فإن العادات الاستهلاكية الغذائية لشهر الصيام يواكبها ظهور ثلة من المهن الموسمية العاكسة لأعراف هذا الشهر المبارك. "الورقة"، واحدة من أبرز المكونات الغذائية التي لا تكتمل الأطباق الرمضانية بدونها، كيف لا وهي تشكل المكون الأساسي لتحضير ما يعرف ب"البريوات" و"القنينطات" و"البسطيلة" وغيرها من الوصفات المغربية التقليدية، فضلا عن الإقبال المتزايد على اقتناء حلويات رمضان من "شباكية" و"مخرقة" و"المقروط" و"البشنيخ" و"السفوف" أو ما يعرف ب "سلو". هذا المعطى السوسيو اقتصادي يؤكده الحاج عبد الواحد، من موقعه كصاحب محل لبيع "الورقة" والحلويات بسوق المدينة العتيقة بالرباط، حيث أبرز، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن النساء "يقبلن بشكل ملفت على اقتناء (الورقة) من أجل إعداد ما لذ وطاب من الأطباق الرمضانية، والتي لا تكتمل مائدة الإفطار والسحور بدونها، كما هو الحال بالنسبة للبريوات (...)". وبخصوص أسباب لجوء عدد من النساء إلى اقتناء حلويات رمضان بدل إعدادها في البيت، لفت الحاج عبد الواحد إلى أن عامل الزمن يشكل سببا رئيسيا وراء انتشار هذه الظاهرة، "بحكم أن النساء الموظفات والعاملات خارج البيت، بشكل عام، لا يجدن الوقت الكافي لإعداد هذه الحلويات التي تتطلب مجهودا وحيزا زمنيا كبيرا". الفطائر المغربية التقليدية من "بغرير" و"مسمن" و"رزة القاضي" و"المطلوع" أو "المخامر"، تسجل كذلك مبيعات قياسية خلال شهر الصيام، وذلك بالنظر إلى عدة عوامل يتصدرها رمزية حضور هذه الأطباق ضمن مكونات المائدة الرمضانية. هذا الأمر تؤكده الحاجة نزهة، التي تعمل كبائعة للفطائر التقليدية بسوق المدينة العتيقة بالرباط، مشددة، في تصريح مماثل، على أن "الإقبال على شراء هذه الفطائر يزيد خلال رمضان بحوالي ثلاثة أضعاف عن الأيام العادية (...)"، مشيرة، بدورها، إلى أن النساء الموظفات هن أكثر الفئات الاجتماعية إقبالا على هذا المكون الغذائي التقليدي، بحكم ضيق وقتهن وتعدد مسؤولياتهن بين الحياة المهنية والحياة العائلية. ومن أبرز المنتجات والمواد الغذائية التي يكثر عليها الطلب كذلك خلال هذا الشهر الفضيل، عصير البرتقال الطبيعي، على اعتبار أن شهر رمضان أضحى يصادف خلال الأعوام الأخيرة فترات ترتفع فيها درجات الحرارة. في هذا الصدد، يقول يونس، صاحب عربة لبيع عصير البرتقال بسوق المدينة العتيقة بالرباط، إن شهر رمضان يتميز بارتفاع الطلب على هذا المكون الغذائي الطبيعي، بالنظر إلى تعدد فوائده الصحية والغذائية. ومن الناحية الاقتصادية، أبرز يونس، في تصريح مماثل، أن "نشاط بيع عصير البرتقال يجلب مردودية أعلى بكثير خلال رمضان مقارنة مع باقي أيام السنة، نظرا لتزايد الطلب عليه، واعتدال أسعار فاكهة البرتقال خلال هذه الفترة من السنة". شهر رمضان، وبالنظر إلى خصوصيته الروحانية والثقافية والاجتماعية، يتميز كذلك بظهور أنشطة مهنية أخرى كبيع سجادات الصلاة والمصاحف والكتب الدينية والأقراص المدمجة للقرآن الكريم.