أصدرت المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول الصفقات التي أبرمتها وزارة الصحة في ظل جائحة "كورونا"،أخيرا تقريرها النهائي حيث كشفت عن مجموعة من الاختلالات التي عرفتها هذه العملية. ملاحظات حول مساطر التسجيل لدى وزارة الصحة جاء في تقرير المهمة الذي يتوفر موقع القناة الثانية على نسخة منه :"يفترض أن تحرص الوزارة على احترام القوانين المؤطرة للترخيصات المطلوبة ولتسجيل الشركات والبضائع على حد سواء ولايمكنها بأي حال من الأحوال أن تتغافل أو تتجاهل هاته القواعد الواضحة والمحددة لحق ولوج سوق الأدوية والمستلزمات الطبية والمستحضرات التي تدخل في حكمها ". وفي هذا السياق يضيف التقرير:"تم الوقوف على الملاحظات المثارة بشأن مساطر التسجيل من قبل المهمة الاستطلاعية والتي تمت مناقشتها مع مسؤولي وزارة الصحة وتمت بخصوصها مراسلة الوزارة ومديرية الأدوية عدة مرات لاستكمال عدد من المعطيات بخصوصها إلا أن هاته المراسلات بقيت بدون جواب لحد الان وهو مايعتبر امتناعا غير مبرر من قبل المديرية المعنية عن تزويد اللجنة بالبيانات الضرورية وقد تكرر هذا الأمر منذ اعتزام المهمة الاستطلاعية البدء في أشغالها شهر يناير 2021". وبالتالي يضيف التقرير :" تتساءل المهمة الاستطلاعية ما إذا كان عدم التفاعل يعتبر تصريحا ضمنيا بصحة الملاحظات الجوهرية المثارة بخصوص إشكال ازدواجية تعامل الوزارة مع طلبات التسجيل وضرب قواعد المنافسة الحرة والنزيهة وغياب الترخيصات القانونية المتطلبة في الشركات المتعاقد معها وهو الشرط الأساسي الذي يسمح لهذه المقاولات بالاشتغال في مجال الأدوية والتجهيزات والمستلزمات الطبية". التمييز السلبي بين الشركات عند معالجة طلبات التسجيل أكد تقرير المهمة الاستطلاعية على أن علمية "تسجيل الشركات تعتبر شرطا مبدئيا لتمكين المقاولات من الاشتغال في سوق الدواء والمستلزمات الطبية، مشددا أن "المهمة الاستطلاعية وقفت على عدة إشكالات تتعلق بكيفية تعامل الوزارة (مديرية الأدوية والصيدلة) مع الطلبات الواردة عليها". وأضاف التقرير:"إذا أخذنا بعين الاعتبار أن عددا من المقاولات استفادت من صفقات تفاوضية حتى دون أن تتوفر على التصريح القانوني المحدد في المادة 7 من القانون المنظم للمستلزمات الطبية، فإن حرمان شركات أخرى من الترخيصات الاستثنائية خلال فترة الجائحة يؤكد بشكل لا لبس فيه وجود شبهة محاباة بعض الشركات على حساب شركات أخرى في التعاقدات المتعلقة بالطلبيات العمومية". هذا الخرق القانوني الواضح للمبادئ والقواعد الأساسية لإبرام الصفقات العمومية يقول التقرير :"يفترض، إذا ما تأكد أن تترتب عليه مسؤولية قانونية، كما يضرب في الأساس مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المقاولات، وهو مبدأ دستوري حرصت المملكة على تضمينه في الوثيقة الأساسية للدولة". مدى احترام قواعد المساواة وتكافؤ الفرص عند إبرام الصفقات كشفت اللجنة، لجوء الوزارة عند تعاقدها مع الموريدين لتسريع مساطر الترخيص الاستثنائي المنصوص عليه في قرار وزرة الصحة، وإصدار ترخيصات مستعجلة أو لاحقة على إبرام الصفقة لفائدة الشركات المستفيدة، في حين أن جزءا كبيرا من المهنيين كانوا يحتجون باستمرار على تجميد وتعطيل ملفاتهم لدى مديرية الأدوية والصيدلة مما تسبب في حرمانهم من المشاركة في هاته الطلبيات العمومية. وكمثال بارز على ذلك، يكشف التقرير" المعاملة التفضيلية التي حظيت بها إحدى الشركات، والتي حصلت على شهادة تسجيل المستلزم الطبي الذي طلبت تسجيله قبل أن تحصل هي نفسها على الترخيص القانوني لممارسة عملها في مجال المستلزمات الطبية، كما تبين أن الشركة حصلت على شهادة تسجيل الكمامات الجراحية بتاريخ 22 أكتوبر 2020 وهو التاريخ الذي لم تكن فيه هاته الشركة قد حصلت بعد على التصريح القانوني للاشتغال في مجال المستلزمات الطبية، فالشركة تم تسجيلها بشكل قانوني في منتصف شهر نونبر 2020 في حين أنها تمكنت من تقديم طلب تسجيل المستلزم الطبي قبلها بعدة أسابيع وهو أمر ممنوع قانونا وتعاملت معها الوزارة بمحاباة واضحة عبر تمكينها من وضع الطلب وأداء الرسوم في وقت تم فيه إغلاق هاته الخدمة العمومية في وجه باقي الشركات . هذا الامتياز، يضيف التقرير، الممنوح لهاته الشركة يعتبر خرقا ومخالفة صريحة للمادة 12 من القانون المذكور سالفا. واشار التقرير إلى " نماذج أخرى لهذا التعامل عبر آلية الترخيص الاستثنائي لتسويق أو لاستيراد عدد من التجهيزات أو المسلتزمات، من قبيل الترخيص الاستثنائي الممنوح لشركة بعينها لتسويق المعقمات الكحولية بصفتها تندرج في إطار المستحضرات الطبية، وهو ما كان موضوع الترخيص رقم 60 UPCHC/DMP بتاريخ 5 يونيو 2020، وهو ما مكنها من الحصول على مجموعة من الصفقات التفاوضية مع وزارة الصحة في حين أن عشرات الشركات الأخرى، كانت تنتظر قبل ذلك الحصول على الترخيص الاستثنائي من مديرية الأدوية للوزارة وهو مايعني حرمانهاومن الولوج للسوق الداخلية وتسويق هذا المنتج الذي كان يعاني من الندرة خاصة في ظل مايروج من شح مادة الكحول في السوق الداخلية انذاك . كما يمكن الاستدلال على ذلك أيضا يضيف التقرير :"بالترخيص الاستثنائي رقم 80 بتاريخ 19 ماي 2020 لاستيراد لبعض التجهيزات موضوع الصفقة رقم 2020/03/DPRF بمبلغ 39.572.160.00 درهم وهو مايعني أن هاته التجهيزات موضوع الترخيص الاستثنائي لم تكن مسجلة مسبقا لدى وزارة الصحة طبقا لأحكام المادة 12 من القانون المذكور ومن جهة ثانية بوجود تجهيزات مماثلة في السوق الدولية ومسجلة مسبقا لدى وزارة الصحة ويمكن لشراء أخرى استيرادها بسهولة دون الحاجة لتعقد المساطر واللجوء الى اجراءات استثنائية". وبمقابل هذا التعامل الاستثنائي مع مجموعة من المقاولات يكشف التقرير :"فقد بادرت إحدى الجمعيات الممثلة للشركات التي تعمل بشكل قانوني في مجال المستلزمات الطبية بمراسلة وزارة الصحة (مديرية الأدوية) بتاريخ 9 مارس 2020 من أجل تسريع الترخيصات الاستثنائية لاستيراد الكمامات الطبية والجراحية التي كانت شبه مفقودة في السوق الوطنية وكذا المطهرات والمعقمات الكحولية إلا أن طلباتها بقيت دون جواب مقابل اللجوء للتعاقد مع شركات أخرى غير مرخص لها ممارسة هذا النشاط بشكل قانوني".