يسلط المحافظ الجهوي للتراث الثقافي ببني ملالخنيفرة السيد محمد شكري ، في هذا الحوار مع وكالة المغرب العربي ، الضوء على ثراء وتنوع التراث المادي واللامادي لجهة بني ملالخنيفرة، خصوصا ما يتعلق بمعالم الفن الصخري لجبل رات ومجالات التدخل لحمايته وتثمينه. 1-ما هي خصائص الفن الصخري بالأطلس الكبير الأوسط؟ -يتيح الفن الصخري ، من بين أمور كثيرة، التعرف والاطلاع على الثقافة والبيئة المعيشية للأشخاص الذين عاشوا في هذه الجهة. وقد تم تحديد العديد من مواقع هذا الفن القديم في المرتفعات الشاهقة للأطلس ، ومن ضمنها موقع جبل رات. وتستمد محطة النقوش الصخرية هذه خصوصيتها من موقعها الجغرافي وموضوعات نقوشها المحفورة الموجودة هناك، من قبيل نقوش الفرسان التي تسمح بمعرفة بعض المعالم المتأخرة لتطور الفن الصخري ، بفضل على وجه الخصوص تطور البحوث الأركيولوجية. ويشتهر مجال النقوش الصخرية لجبل رات بمشاهد الفرسان المسلحين بالرماح والدروع المستديرة. ويعتبر بذلك أحد المواقع بالأطلس الكبير التي تزخر بمشاهد مميزة للحقبة الليبية- الأمازيغية. ومن الخصائص المميزة لمواقع جبل رات وجود عشرات من النقوش فريدة لأشكال آدمية تعد بمثابة "معبودات" منجزة بداخل دوائر كبيرة ، كما نجد بضعة نقوش نادرة لحيوانات وحيد القرن وبقريات تنتمي لفترة ماقبيل العصر البرونزي، بالإضافة إلى نقوش أشكال آدمية صغيرة القد تنتمي للبرونز الأطلسي المتأخر ونقوش لأقراص مزخرفة وأخرى تمثل أسلحة معدنية من خناجر ورماح.... وخلال صيف 2015 ، مكنت تحريات ميدانية حديثة بالموقع من اكتشاف نقوش كتابات أمازيغية قديمة ونقشين لفارسين بأبعاد ضخمة غير مسبوقة. إلا أن غياب جرد شامل لا يسمح لنا بتحديد دقيق لعدد النقوش الصخرية بجبل رات ، وتشير التقديرات إلى أن عددها يناهز الألفين، مما يضع هذا الجبل في الرتبة الثانية عدديا وراء هضبة الياكور. 2-وماذا عن وسائل الحفاظ عليها وتثمينها؟ يواجه الحفاظ على هذا التراث العديد من الإكراهات المرتبطة بالفضاء والجغرافيا. فالمساحة التي يتعين الحفاظ عليها شاسعة للغاية وتتجاوز 100 كيلومتر مربع. لقد بدأنا هذا المسار من خلال إحداث محافظة للنقوش الصخرية لجبل رات بموقع تيزي نتيرغست، يؤثثها معرض مخصص لفن النقوش الصخرية ، ومن شأن ذلك بلا شك أن يساهم في تحسيس الساكنة المحلية والمنتخبين ومختلف الفاعلين المحليين ، بضرورة المشاركة بشكل مشترك في حماية هذا التراث الأركيولوجي وتثمينه كرمز للهوية ومقومات التنمية. وتتطلب مهمة حفظ التراث الجهوي أيضا القيام بعمل تحسيسي والحرص على تشجيع الدراسات وإعداد أطروحات الدكتوراه والماستر حول هذا الموضوع بهدف توسيع مجال التنقيب والتحريات والجرد. ونعتزم تنظيم أيام مفتوحة حول موضوع حفظ النقوش الصخرية لجبل رات بتيزين-تيرغيست ، تتضمن معرضا علميا للنصوص والخرائط والنقوش التي تسلط الضوء على تاريخ وخصائص هذا التراث الموجود بجبل رات. هذه المبادرة تشكل نقطة الانطلاق لتحقيق مشروع واعد يحمل عنوان "المشهد الثقافي لرات ". ويتعلق الأمر بمنتزه يشتمل على تراث أركيولوجي وغير مادي (الفنون الشعبية والتقاليد والمعمار المحلي...). 3- تتمتع جهة بني ملالخنيفرة بموروث تاريخي غني. هل يمكنك أن تعطينا المزيد من التفاصيل حول ذلك؟ تزخر الجهة بتراث ثقافي غني ومتنوع ومتعدد يمتد لعدة آلاف من السنين منذ عصور ما قبل التاريخ إلى يومنا هذا. فالجهة تتوفر على ذاكرة تاريخية تمتد من النقوش الصخرية إلى التراث المعماري المحلي والكولونيالي. كما يتميز التراث غير المادي للمنطقة بثرائه وكثافته. ولتدبير هذا التراث الكبير وإدماجه في عملية التنمية الاقتصادية ، تسهر المحافظة الجهوية للتراث الثقافي لبني ملالخنيفرة على تشجيع تطوير الدراسات والأبحاث حول هذا الموضوع كما تشارك في ترميم وتهيئة والحفاظ على هذا التراث المعماري المحلي ومآثره مع تقديم ملفات من أجل العمل على تصنيفه ضمن التراث الوطني وحتى التراث العالمي. وقد تم توقيع اتفاقية بين وزارة الثقافة وجهة بني ملال - خنيفرة لترميم العديد من القصبات وعدد من مخازن الحبوب الجماعية والوحدات المعمارية المحلية التي تزدهر على سفوح الجبال بعدة بلدات مثل آيت بوكماز وآيت بولي وزاوية أحنصال ووادي انغري.وفيما يتعلق بالتراث غير المادي ، تعمل المحافظة الجهوية بالفعل على ملفات لتصنيف النسيج البزيوي تراثا عالميا . 4- يمثل الحفاظ على هذا التراث التاريخي المهم تحديا حقيقيا. ما هي محاور تدخل المحافظة الجهوية للتراث لحمايته؟ تهدف استراتيجيتنا إلى التعريف بالتراث الثقافي للجهة من خلال مؤسسات علمية ومتاحفية تعزز هويتنا وأصالتنا. ولتثمين هذا التراث ودمجه في برنامج تنمية مستدامة ومدروسة جيدا ، من الضروري البدء بجرده ، وتوثيقه وإحصائه ودراسته وتقديمه للزوار. وتزخر الجهة بتراث ثقافي لا يقدر بثمن ، مايزال استغلاله واستثماره في خدمة التنمية المحلية محدودا. ومن الضروري تصحيح هذا الوضع. ولهذا السبب قمنا بإحداث محافظة للنقوش الصخرية بجبل رات. كما سننشئ مركزا لعرض التراث الأركيولوجي في فزاز بإقليم خنيفرة ، مع العلم أنه يتم بناء مركز لتقديم وعرض التراث الثقافي في عين أسردون ، علاوة على مركز لعرض التراث المنجمي الذي أنجز بموقع جبل عوام بإقليم خنيفرة.