مُجاراة نجوم من طينة كريستيانو رونالدو ورونالدينهو غاوتشو على الصعيد المهاري ليْس باستطاعة الكثيرين، والالتئام مع لاعبين مثل إيدين هازارد وبيير أوباميانغ على بساط أخضرٍ لاستعراض المُمْكِنات الفنِّية يبدو إنجازاً في حد ذاته. هي مكافآت جناها سفيان التوزاني، المغربي الأصل والهولندي المنشأ، والذي أرسَى أُسساً متينة لمسيرةٍ مُذهلة عِمادها الاجتهاد والتفاني والإيمان بالنفس، تكلّلت في آخر المطاف بنَجاح مُنقطع النظير. أما بداية الحِكاية وفصولها الأولى، فيكتنفها الشغف والإصرار ومُطاردة الأحلام حد تحقيقها. كان سفيان، البالغ من العمر 31، فتى يفني ما يملك من وقتٍ في العبث بالكرة، ومُغازلتها، ومُداعبتها في دروب مدينة روتردام، حتَّى عَقَدَ العزم على كبْسِ زرِّ الشُّهرة، وقرّر الإعلان عن نفسه. لم يكن يخْطُر بِبال التوزاني أن تحميله لمقطع فيديو يعود إنتاجه ل2002، ، يتضمَّن مهاراته، سنة 2005، على موقع "يوتوب" سيلْفِت إليه الأضواء، ويُصوِّب إليه أنظأر المتتبعين، بعدما استأثر ذلك المقطع المرئي بمئات الآلاف من المشاهدات، تصُبُّ معظمها في خانة الانبهار والإشادة بما يختزنه الفتى من وَمَضات فنِّية جديرة بالتشجيع. توالت بعد ذلك الفيديوهات، وأخذت دائرة الإعجاب ورُقعة الشّعبية تتسَّعان، ليجد اللاعب موطئ قدمِ ضمن المشهد الكروي في هولندا وكذلك المغرب، عِلماً أنه أمضى تجارب كروية غير موفقة مع شبان بي إز في إيندهوفن وكبار نادي إف سي زفوله الهولندي، فتأكد أن الاستعراض المهاري هو جادة سفيان المثالية لِمُخاطبة الجماهير. حمِلت سنة 2008 إلى المغربي الأصل فُرصة استثنائية يتوق إليها العديدون، وهي نسج فواصل مهارية مع البرازيلي رونالدينيو على أرضية ملعب "السان سيرو"، وسط حضور جماهيري غفير أثّث المدرجات، عقب انتقال البرازيلي إلى "الروسونيري" قادما من برشلونة. الدَّعوة التي تلقاها التوزاني جاءت بعد إظهار موهبته الفنية في مناسبات سابقة، غير أن ملاقاة أحد أساطير "البلاوغرانا" هي بالفعل هدية لسنوات من الكدِّ، فما كان من الهولندي الجنسية إلا حُسن استغلالها، إثر تألقه في الاستعراض بالكرة أمام أنظار زميله عباس فريد والأيقونة البرازيلية الذي حيَّى المغربي وعانقه. الانفجار، القمة والمجد .. إذا كان من حُلمٍ يُراود المُستعرضين الشباب بالكرة، فلن يزيغ عن اقتفاء أثر التوزاني، ومُحاكاته. صاحب 31 سنة بلغ العُنفوان، ووصل إلى الأوج، وبات إسمُهُ مُشِعَّاً في عالم المستديرة، بلقائه مع نجوم من العيار الثقيل، وإعداد برنامج خاص أصبح يستميل ويستقطب رموز حاليين للعبة. "إنني أشاهدك منذ كنت في سن صغيرة"، يقول البلجيكي إيدين هازارد، النجم الحالي لنادي تشيلسي، لسفيان، على هامش تصويرهما للبرنامج الذي يستضيف في كل حلقة نجما من النجوم البارزين العالميين، برعاية علامات تجارية متعاقدة مع المغربي، مثل "نايكي" ولعبة "فيفا" الإلكترونية. أفلح التوزاني من خلال الحلقات التي يُعدِّها مع اللاعبين، والتي يضعها على قناته في "يوتوب"، في الموائمة بين شغفه بالاستعراض الفني وحبه للتقديم التلفزيوني والمحاورة، مما أضفى على فيديوهات نكهة خاصة تجمع الاستمتاع والدعابة والترويح عن النفس لمشاهديها. ذاك الفتى الذي كان يتَّقدُ بالحماس والتحدي في بداياته، بات الآن يُراكم الأسماء الوازنة التي يُسجِّل معها حلقات مرئية، من قبيل كيفن دي بروين وإيمانويل أديبايور وسيرجيو راموس وسامي خضيرة وغيرهم من النجوم البارزين داخل عالم الكرة.