ياسين والحريف واغتصاب الطفولة لوحظ في الآونة الأخيرة استغلال بشع للأطفال في مسيرات ووقفات حركة 20 فبراير. فبعد أن انسحب أغلب شباب الفايسبوك الذين فجروا حركة 20 فبراير إثر الهيمنة المطلقة لجماعة العدل والإحسان وحزب النهج الديمقراطي والعياء الذي أصاب ما تبقى من يساريين بدات الجماعة والحزب في استغلال الأطفال لتملأ بهم الفضاء، ولم تعد المسيرات يؤمها الشباب، الذي حتى وإن اختلفنا معه نحترم رأيه، بل أصبحت المسيرات نصفها شباب ونصفها الثاني شيوخ وأطفال، وإذا كان الشيوخ لا حرج عليهم وحتى القانون نفسه يتساهل معهم فما بال أطفال لم يبلغوا سن التمييز وما ذنبهم حتى يتم الزج بهم فيما لا يفهمون معناه؟ الطفل في الشرائع السماوية ليس من المتشرعة وليس من أهل السؤال، بمعنى أن الدين لم يفرض على الطفل ويرعاه حتى يبلغ الحلم وفي الأثر "رفع القلم عن ثلاث : عن النائم حتى يستقيظ وعن الصبي حتى يبلغ وعن الأحمق حتى يعقل"، وفي الشرائع الأرضية تم تخصيص الطفل بقوانين ليست كقوانين الكبار، طبعا في الشريعتين حقوق الطفل مثلها مثل حقوق الكبير والبالغ لكن في الواجبات هناك اختلاف كبير، وحتى في حالة العقوبة فإن المشرع جعلها مختلفة. إذا كان الطفل تحت مسؤولية والده أو من يكفله فكيف يمكن إخراجه من المحضن ومن المدرسة ليرفع شعارات ترفعها قوى سياسية لها ما يكفي كي تميز بين الأشياء؟ فالطفل لا يعرف معنى التغيير، وبالتالي فإنه من المحرم في كل الشرائع الزج به فيما لا يعرف، وقد انتفضت جمعيات مدنية في الغرب ضد استغلال الأطفال في الأفلام السينمائية لأن هذه العملية تتم بغير إرادة الطفل. وقد جاء في إعلان حقوق الإنسان الدولي "أن الطفل بسبب عدم نضجه البدني والعقلي يحتاج إلى إجراءات وقاية ورعاية خاصة، بما في ذلك حماية قانونية مناسبة قبل الولادة وبعدها". وبناء على هذه المفاهيم والمنطلقات صيغت اتفاقية حقوق الطفل لعام 1990 وقد نصّت المادة الأولى منها "لأغراض هذه الاتفاقية يعني الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه". ومن هذا المنطلق يكون عبد السلام ياسين، زعيم جماعة العدل والإحسان، وعبد الله الحريف، رئيس ما تبقى من يسار راديكالي، وعبد الحميد أمين، التائه في زحمة الحراك السياسي، متهمون بخرق القانون الدولي الذي ينص على تقديم الحماية للأطفال في كل الحالات، فإن جعل الأطفال طرفا في الصراع السياسي مهما تكن صوابية أي طرف من أطرافه فإنها جريمة قانونية في حق فئة من المجتمع لم تبلغ بعد سن التمييز الضروري بين الصائب وغير الصائب وبالتالي تختار هي لنفسها بدل ان يختار لها غيرها. ويبقى على الجهات المكلفة بحماية القانون التدخل بصرامة ضد أي استغلال للأطفال ومن أي طرف كان ضمانا لتنشئة سليمة للطفل الذي ينبغي أن يلعب بما فيه الكفاية وأن يتلقى التعليم المناسب أما الشارع فله أهله منهم أهل الحق ومنهم أهل الباطل.