بتفكيك خلية إرهابية ينشط أعضاؤها بين الفنيدق وسبتة ومليلية المحتلتين وبرشلونة، من طرف عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وبتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وبتنسيق مع مصالح الأمن الإسباني، تكون رؤية المغرب في محاربة الإرهاب، قد أكدت مرة أخرى نجاعتها، وأنه لا حل من هذه المعضلة سوى التعاون بين الدول، وأن الخلافات السياسية لا ينبغي أن تطغى على مشروع محاربة الإرهاب، الذي هو مشروع دولي. فالإرهاب اليوم لم يعد ظاهرة محلية تكتوي بناره دول دون غيرها، ولكنه انتقل إلى العالمية، وأصبحت الأممية الإرهابية تهيمن على جميع الأمميات بمن فيها أممية الإسلاميين الحاكمين، التي توفر الغطاء السياسي للحركات الإرهابية، والأمميات الأخرى التي لم يعد يسمع بها أحد أو ليس لها صدى كبير مثل أممية مناهضة العولمة وغيرها. لقد أصبح الإرهاب دوليا. وأصبحت الأساليب تنتقل مثل المرض المعدي. ففي يوم واحد سمعنا خبر ثلاث عمليات احتجاز واحد منها محترف جدا. الأول بسيدني حيث قام شخص باحتجاز رهائن داخل مقهى، وأثناء عملية تحريرهم تم قتل الشخص المحتجز كما قُتل معه ثلاثة رهائن من أصل أربعين، وفي مدينة غينت البلجيكية احتجز أربعة أشخاص مواطنا داخل عمارة، أما العملية الكبيرة فهي إقدام مسلحين بباكستان على احتجاز 500 من طلبة ومعلمين بمدرسة خاصة بأبناء الجنود. الإرهاب ينتقل من مكان إلى مكان كالمرض المعدي، وهو اليوم أخطر أنواع العدوى، وكما ينتقل الإرهاب تنتقل معه أساليبه وأدواته، التي قد يستعملها أشخاص لمجرد تأثرهم بالدعاية الإرهابية، وكلما انتقلت الأدوات بهذه السرعة اشتد الخطر على الجميع، وأصبحت ممارسته سهلة أكثر من أي وقت مضى، بل زاد من سهولته التطور التقني الذي ضيق الفجوة. من هذا المنطلق فإن رؤية المغرب لمحاربة الإرهاب، التي تعتمد ثلاث ركائز، الضربات الاستباقية والتأطير الديني المنفتح والتنمية البشرية، تعتبر رائدة في العالم أجمع، خصوصا وأن المغرب استطاع الجمع بين الضربات الاستباقية للخلايا الإرهابية، وتعزيز الترسانة القانونية في مكافحة الإرهاب، والحرص على عدم تجاوز القانون خلال ممارسة التفكيك والاعتقال وضمان المحاكمة العادلة للموقوفين حتى يأخذ كل واحد نصيبه. لم يكن عبثا أو من قبيل المجاملات إشادة وزير الداخلية الإسباني، خورخي فرنانديث دياث، بتعاون المغرب في المجال الأمني، لاسيما في مكافحة الإرهاب. وقال الوزير، إن هذا التعاون مكن من تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية بكلا البلدين. وها هو ما زال مستمرا في التفكيك وضرب الإرهابيين في المهد. وحذر من خطر الخلايا الإرهابية الجهادية التي تشكل "تهديدا حقيقيا وواضحا" لجميع البلدان. واعتبارا لهذا الدور الكبير الذي يلعبه المغرب أصدرت وزارة الداخلية الإسبانية بيانا أبرزت فيه "الدور الرئيسي الذي يضطلع به المغرب في مجال مكافحة الإرهاب". وليس من قبيل العبث أن يستدعي مجلس الأمن مسؤولين مغاربة للحديث وبسط التجربة المغربية في مكافحة الإرهاب، ولكن لأن دوره في تدويل محاربة "تدويل الإرهاب" أصبح لا غنى عنه.