يتم اليوم افتتاح الدورة التشريعية الرابعة من الولاية البرلمانية التاسعة من قبل جلالة الملك محمد السادس وفق ما ينص على ذلك الفصل 68 من الدستور، وكنا في عدد سابق قد تناولنا الدور التشريعي للبرلمان، وخلصنا إلى أن هذه الدورة ستكون مكثفة من حيث الإنتاج التشريعي، وبالتالي أن هذا المنتوج سيكون رديئا، لأن الحكومة محكومة بالوقت، وقد تأخرت كثيرا في إخراج العديد من النصوص التنظيمية والتشريعية، ونظرا كذلك لغياب روح التوافق بين فرقاء العملية السياسية، وهي روح تقتضيها الولاية التشريعية الحالية باعتبارها ولاية تأسيسية. واليوم نتحدث عن أخلاق البرلمان. فليس الانتداب البرلماني والعمل التشريعي عملية ميكانيكية، ولكنها روح تحتاج إلى أخلاق عملية، وإلا أصبحت عملية ريعية يستفيد منها المقربون وعائلة الزعيم، وحتى أصحاب "الجبهة" الذين يتزعمون المحافل، لكن في النهاية يكون دورهم في العمل التشريعي أقل من صفر. ولقد نبه جلالة الملك في خطابه الافتتاحي للدورة التشريعية السابقة إلى خطورة الاستهانة بالعمل التشريعي، حيث إن الانتداب البرلماني، حسب الخطاب الملكي، بما هو تمثيل للأمة، ومهمة وطنية كبرى، وليس ريعا سياسيا. طالبا من البرلمانيين استشعار جسامة هذه الأمانة العظمى، التي تستوجب التفاني ونكران الذات، والتحلي بروح الوطنية الصادقة، والمسؤولية العالية في النهوض بالمهام التشريعية والرقابية. كان الخطاب واضحا، بل كان بمثابة بيان شبيه ببيان التاسع من مارس، الذي أسس لدستور فاتح يوليوز 2011، وعرض العناوين الكبرى لسنة تشريعية، كان يجب أن تكون "قد المقام"، لكن للأسف لم تعر الحكومة والبرلمانيون اهتماما لهذه العناوين، التي كانت ضامنة لممارسة تشريعية متميزة، لكن للأسف قضت الحكومة ومعها أغلبيتها والمعارضة سنتهما التشريعية في تبادل التهم. لقد مهد الخطاب الملكي الطريق للفرقاء السياسيين، من أجل روح توافقية تحتاجها، ذلك أن الولاية التشريعية الحالية، تعد ولاية تأسيسية، لوجوب إقرار جميع القوانين التنظيمية خلالها. وباعتبارها مكملة للقانون الأسمى، فقد طالب الخطاب الملكي البرلمانيين، بضرورة اعتماد روح التوافق الوطني، ونفس المنهجية التشاركية الواسعة، التي ميزت إعداد الدستور، خلال بلورة وإقرار هذه القوانين التنظيمية. فالخطاب الملكي بما أنه توجيه من مؤسسة غير منخرطة في التنافس السياسي، حث الجميع، معارضة وأغلبية، على الاهتمام بروح التشريع بدل تبادل الاتهامات وتصفية الحسابات، حيث دعا البرلمانيين إلى تحمل مسؤولياتهم كاملة، في القيام بمهامهم التشريعية، لأن ما يهم، ليس فقط عدد القوانين، التي تتم المصادقة عليها، بل الأهم من ذلك هو الجودة التشريعية لهذه القوانين. ولم ينس الدعوة لإخراج النظام الخاص بالمعارضة البرلمانية، لتمكينها من النهوض بمهامها، في مراقبة العمل الحكومي، والقيام بالنقد البناء، وتقديم الاقتراحات والبدائل الواقعية، بما يخدم المصالح العليا للوطن. كما شدد على ضرورة اعتماد الحوار البناء، والتعاون الوثيق والمتوازن، بين البرلمان والحكومة، في إطار احترام مبدإ فصل السلط، بما يضمن ممارسة سياسية سليمة، تقوم على النجاعة والتناسق، والاستقرار المؤسسي، بعيدا عن تحويل قبة البرلمان إلى حلبة للمصارعة السياسوية. بعد مرور سنة على هذا الخطاب نسائل الحكومة والبرلمان عمدى التزام الطرفين بأخلاق العمل البرلماني، ولسنا مثل الشوباني نفهم الأخلاق في لباس صحفية ولكن التزام قواعد الممارسة السليمة الخالية من المكائد في الممارسة التشريعية والرقابية.