وصل قطار الثورة إلى دولة قطر. فمن راعٍ للربيع العربي، في صيغته الإخوانية، إلى بلد مستهدف بالربيع بطريقة مغايرة. حيث أعلنت فعاليات قطرية من العاصمة المصرية القاهرة تأسيس حركة تمرد قطرية، ولأول مرة في تاريخ هذا البلد يتم الإعلان عن وجود معارضة، خصوصا وأن شاعرا نظم قصيدة ينتقد فيها الأوضاع في البلاد تم الحكم عليه بالمؤبد. خبر من هذا النوع يستحيل أن تجد له مكانا في المغرب، خصوصا في صحف الطبالجية وصحف الجماعات الإسلامية ولا مواقعها الإلكترونية، باعتبار أن قطر هي الراعي العربي للمشروع الأمريكي المسمى الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا، وهي التي تولت رعاية التحولات في الأنظمة العربية، دعما ماليا ودعاية عن طريق قناة الجزيرة، التي فشلت وتراجعت اليوم ويسعى القائمون عليها إلى التعويض بقناة التغيير، التي سيطلقها من لندن عزمي بشارة وفيصل القاسم. وسننتظر "ثوار" المغرب، وجماعة العدل والإحسان، وحزب العدالة والتنمية والتوحيد والإصلاح، هل سيقومون بدعم الثورة في قطر أم لا؟ هل سيقوم الحزب الحاكم بإرسال أبنائه للقاء الثوار القطريين كما فعل في سوريا؟ هل ستساند جماعة العدل والإحسان الثورة في قطر وقد بدأت تأكل من خيراتها؟ الذين ساندوا ثورات الربيع العربي لم يكونوا مبدئيين، ولكن كانوا يعرفون جيدا اللعبة ومن يديرها، وكنا في البداية ضد الربيع العربي مشرقا ومغربا، ومن بين مسببات معارضتنا له هو أنه مؤامرة مخابراتية، وذلك استنادا إلى معلومات لدينا، حينها كان أصحاب الإنشاء يتحدثون عن يقظة المجتمعات العربية واضعين نصب التمجيد للبوعزيزي، الذي لو كان يعرف أن الثورة قادمة لبقي حتى استفاد منها. بعد ثلاث سنوات من مواجهتنا للربيع العربي باعتباره مجرد صفقات تبرم بالليل وتنفذ بالنهار، وأنه مجرد خديعة شارك فيها المثقفون والمجتمع المدني، الذي يتلقى مبالغ مالية باهظة للقيام بهذه الأدوار، جاءت الوثائق تثرى لتؤكد ما قلناه، حيث تم تسريب وثائق أمريكية وغيرها حول صناعة الربيع العربي بمطبخ المخابرات الأمريكية. اليوم جاء الدور على الدولة التي قبلت أن تكون أداة تنفيذ، وهي الدولة التي وضعت كل إمكانياتها رهن "الثورة" الأمريكية، وتحالفت مع جماعات الإسلام السياسي مشرقا ومغربا، وها هي الحركات الإسلامية المغربية لا يوجد من بينها من يندد بأوضاع الاستعباد التي توجد عليها دولة قطر، بل إنهم يعتبرونها مساندة لحركات التحرر. لكن وكما يقال "باش قتلتي باش تموت"، و"اللي حفر شي حفرة كيطيح فيها"، أو كما يقول المثل العربي "وعاد وبال البغي على صاحبه"، فإن قطر لابد وأن تجني ثمار ما زرعته من فتن في العالم العربي وما صرفته من أموال طائلة، وسيعود عليها الأمر وسينقلب عليها الدواعش والنصرة بعد أن انقلبت عليها أمريكا وسحبت منها ملفات مهمة بالمنطقة، وهي مقبلة على تحولات مهمة قد لا تقتصر على ما هو سياسي وقد تتعداها إلى ما هو جغرافي فأمريكا تفكر في زوال بعض الدويلات في الخليج وانتهائها من التاريخ.