مرة ثانية يتطاول أحمد الريسوني الرئيس السابق للتوحيد والإصلاح، على الفتوى، ويحرم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ويعتبره بدعة انسجاما مع علماء الوهابية، وكان مؤسس هذه النحلة محمد بن عبد الوهاب يقول إن عصاي أحسن من محمد، وكان أول ما قامت به الوهابية لما تولت السلطة هو تخريب قبور الصحابة ومحاولة تخريب قبر النبي صلى الله عليه وسلم لولا تدخل شاه إيران آنذاك الذي هدد بالدخول إلى جزيرة العرب بالدبابات. وقال أحمد الريسوني بأن هذا الاحتفال "لم يرد في شأنه شيء من القرآن ولا من السنة، " و بالتالي " لا يجوز تخصيص الذكرى بأي عبادة أو أي عمل تعبدي صرف... وأي شيء من هذا القبيل فهو مجرد بدعة وليس من الدين في شيء" . وقد زعم مفتي الوهابية عبد العزيز آل الشيخ أنّ أول من بدأ الاحتفال بالمولد الشريف هم العبيديون الملقبون بالفاطميين، وهذا جهل بالتاريخ وافتراء على الحقيقة من شخص يفترض فيه الصدق والتحقق والأمانة العلمية، لأنّ الفاطميين ليسوا هم أول من فعل ذلك ولا اعتمد المسلمون في الشرق والغرب على قيام هؤلاء العبيديين بفعل الاحتفال، وإنما أول من فعله بهذه المراسم المشاهدة في وقتنا هذا وبما يشابه هيئته اليوم هو الملك المظفر ملك إربل في العصر العباسي كما ذكر ذلك الإمام الحافظ السيوطي وغيره حيث قال : ( فأول من أحدث ذلك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدين علي بن بكتكين أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد وكانت له آثار حسنة . وقال عنه ابن كثير في كتابه البداية والنهاية والذي أخفاه الوهابية ( كان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلاً وكان شهماً شجاعاً بطلاً عاقلاً عالماً عادلاً رحمه الله وأكرم مثواه .. إلى أن قال وكان يصرف في المولد ثلاثمائة ألف دينار ). ولم تذكر المراجع التاريخية من قريب أو بعيد أن ملوك الفاطميين هم من ابتدعوا الاحتفال بالمولد النبوي الشريف كما ادعى بذلك الوهابية تزويراً للتاريخ ، وعليه فإن القول بأن المولد بدعة ابتدعها الفاطميون هو كذب صريح على ابن كثير الذي حرَّف الوهابية كلامه في البداية والنهاية في الطبعات الجديدة. نماذج من العلماء الثقات الذين أفتوا بمشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف : 1. الإمام أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي البلنسي المغربي المعروف بابن دحية ، وله في المولد كتابان ( السراج المنير في مولد البشير النذير ) و ( التنوير في مولد السراج المنير ) . 2. القاضي أحمد بن محمد العَزَفي السبتي اللخمي ، من تلاميذ القاضي أبوبكر بن العربي ، وله مولد مؤلف سماه ( الدر المنظم بمولد النبي الأعظم ) ومات قبل إكماله فأكمله ولده القاضي محمد بن أحمد اللخمي . 3. الشيخ ابن عبادة القدوري وهو من مشايخ الشيخ زروق ، وقد وردت فتواه بجواز الاحتفال بالمولد في ( رسائله الكبرى ) . 4. الشيخ أبو محمد عبد الواحد بن أحمد بن علي المشهور بابن عاشر ، صاحب المرشد وهو من كبار الصالحين . 5. الشيخ محمد البناني في حاشيته على الزرقاني . 6. الشيخ الدردير في حاشيته على الشرح الكبير . 7. الشيخ الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير . 8. الشيخ محمد عليش في شرحه على مختصر خليل . 9. الشيخ علوي المالكي . 10. الشيخ محمد الحسن المالكي . 11. الشيخ العلامة محمد الطاهر بن عاشور ، وله كتاب أسماه ( قصة المولد ) . 12. الإمام الشيخ أبو شامة وهو شيخ الإمام يحيى بن شرف النووي وقد قال عن المولد : ( ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل في اليوم الموافق ليوم مولده صلى الله عليه وسلم من الصدقات والمعروف وإظهار الزينة والسرور ، فإن ذلك مع ما فيه من الإحسان للفقراء مشعر بمحبته صلى الله عليه وسلم ) . 13. الإمام يحيى بن شرف النووي وكان ممن يحضر المولد . 14. الإمام الجرداني في ( حول الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ) . 15. مفتي مكةالمكرمة العلامة السيد أحمد بن زيني دحلان في ( الدرر السنية في الرد على الوهابية)، و في كتاب السيرة النبوية والآثار المحمدية يقول: ( إن الاحتفال بالمولد وتذكر النبي صلى الله عليه وسلم مقبولان عند جميع علماء المسلمين ) . 16. الإمام تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي . 17. الإمام القاضي عبد الوهاب بن علي السبكي صاحب طبقات الشافعية. 18. الإمام عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير ، صاحب التفسير المشهور وصاحب البداية والنهاية ، وقد بلغ به إيمانه بجواز الاحتفال بالمولد النبوي أن ألف مولداً لطيفاً مستفيداً فيه من مولد ابن دحية . 19. الإمام محمد بن أبي بكر بن عبد الله القيسي المشهور بالحافظ ابن ناصر الدمشقي وهو من أكابر الحفاظ وأئمة الشافعية وله ثلاث كتب ( جامع الآثار في مولد النبي المختار 3 مجلدات ) و ( اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق ) و ( مورد الصادي في مولد الهادي ) . 20. الإمام عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن الشهير بالحافظ العراقي ، وهو من أشهر المحدثين الحفاظ في القرن الثامن الهجري وقد تخرج عليه الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني ، وله كتاب في المولد أسماه ( المورد الهني في المولد النبوي ) . 21. الإمام الحافظ المناوي ( في مولد المناوي ) . 22. الإمام ابن حجر العسقلاني أبو الفضل شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن حجر ، قاضي القضاة وأمير المؤمنين في الحديث وصاحب فتح الباريء وتلميذ ابن تيمية ، وقد قال الإمام ابن حجر في تعليقه على حديث صوم يوم عاشوراء : ( فيستفاد منه الشكر لله تعالى على ما منَّ به في يوم معين من إسداء نعمة أو رفع نقمة ، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة ) وفي كتاب الدرر الكامنة في عين المائة الثامنة يقول: ( إن ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم ليلة شريفة عظيمة مباركة سعيدة على المؤمنين طاهرة ظاهرة الأنوار جليلة المقدار ) . 23. الإمام ابن الدِّيبع الشيباني ، وله كتاب ( أحاديث المولد النبوي ) . 24. الإمام محمد بن عبد الرحمن بن محمد الشهير بالسخاوي ، ويقول عن الاحتفال بالمولد : ( وكنت ممن تشرف بإدراك المولد النبوي في مكة المشرفة عدة سنين ، وتعرفت ما اشتمل عليه من البركة المشار لبعضها بالتعيين ، وتكررت زيارتي فيه لمحل المولد المستفيض وتصورت فكرتي ما هنالك من الفخر الطويل العريض ... ) ويقول: ( بدأ المولد بعد ثلاثة قرون من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم واحتفلت به جميع الأمم الإسلامية، كما تقبله جميع العلماء بعبادة الله وحده بالصدقات وتلاوة السيرة النبوية، ولا يزال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ويظهر عليهم من بركاته كل فضل ). 25. الإمام جلال الدين السيوطي ، وقد أفتى بجواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في كتابه ( الحاوي على الفتاوي ) و في كتابه حسن المقصد في عمل المولد يقول: ( أصل الاجتماع لصلاة التراويح سنة وقربى ... وكذلك نقول أصل الاجتماع لإظهار شعائر المولد مندوب وقربى ... وهذا معنى نية المولد فهي نية مستحسنة بلا شك 26. الشيخ عطية صقر - وهو من كبار علماء الأزهر الشريف – وقال عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف : ( قال الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور: وقد أتى القرن التاسع والناس بين مجيز ومانع، واستحسنه السيوطي وابن حجر العسقلاني وابن حجر الهيتمي - ثم ذكر حديث صيامه صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين فقال - فالرسول صلى الله عليه وسلم نصَّ على أن يوم ولادته له مزية على بقية الأيام ، وللمؤمن أن يطمع في تعظيم أجره بموافقته ليوم فيه بركة ، وتفضيل العمل بمصادفته لأوقات الامتنان الإلهي معلوم قطعاً من الشريعة ، ولذا يكون الاحتفال بذلك اليوم وشكر الله على نعمته علينا بولادة النبي صلى الله عليه وسلم وهدايتنا لشريعته مما تقره الأصول ) . أين الريسوني من كل هؤلاء؟