يخلد العالم ومعه المغرب يوم غد الجمعة اليوم العالمي للمرأة، والقصد من هذا التخليد هو تأهيل المرأة في مراحل تاريخية حتى تصل إلى موقع المساواة مع الرجل، والخروج عن التصورات التقليدية التي تعتبر المرأة مجرد أداة للمتعة وتقديم الخدمات. ولقد انخرط المغرب منذ وقت باكر في وضع قطار المرأة فوق سِكته الحقيقية، وعرفت أوضاع المرأة تحولات نوعية هي ثمرة جهاد ومجاهدة من طرف الدولة والمجتمع. وحتى المواقع التي ظلت عصية على المرأة مثل المؤسسة التشريعية وضعها لها المشرع نظام الكوطا قصد تأهيلها للوصول إلى المؤسسة اللتشريعية بعدد كاف. ولم يكتف المغرب بهذه التحولات ولكن قام بدسترة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، حيث نص الفصل 19 من الدستور الذي صادق عليه المغاربة يوم فاتح يوليوز سنة 2011 على أن "يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها. وتسعى الدولة إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء. وتُحدث لهذه الغاية، هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز". وحدد الدستور كافة العناوين الكبرى التي تندرج فيها المناصفة، سواء تعلقت بحرية المرأة المدنية أم بحقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الحقوق التي لا تنفصل عن الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها الرجل. لكن ورغم أن الدستور يعتبر تقدميا وثوريا في هذا المجال إلا أنه يعيش حالة عرقلة من طرف حكومة عبد الإله بنكيران، والأمر لا يتعلق فقط بالمناصفة بل بكل القضايا وإن كان موضوع المناصفة يشغل حيزا كبيرا في اهتمامات العدالة والتنمية لما يناله من رؤية فقهية رجعية لديهم. فلماذا لم تخرج الحكومة إلى حد اليوم هيئة المناصفة المنصوص عليها دستوريا؟ ونعتقد أنه آخر الهيئات التي سيخرجها بنكيران للوجود لأن موقفه من المرأة لا يخرج عن موقف الحركة الوهابية، وكل التمثيليات والقبلات التي وزعها على نساء ديبلوماسيين ليست مبدئية ولكن تجد لها تخريجات فقهية تبيحها له فقط، أما الجوهر هو الرؤية الرجعية المتخلفة للمرأة التي تصلح فقط سندا للرجل. وها هم شيوخ الوهابية يفتون بجهاد المناكحة أي أن تقدم المجاهدة التي لا تحمل السلاح جسدها للمجاهدين للمتعة. ولو كان بنكيران مؤمنا بدور المرأة في المجتمع ودور أن تلعب أدوارها الحقيقية لما اختار امرأة واحدة في حكومة كبيرة العدد.