يقول محللون إن بعض دول الخليج الغنية بالنفط تخشى الحراك السياسي للإخوان المسلمين المدفوعين بنجاحهم في قطف ثمار الاحتجاجات الشعبية في مصر وتونس باستثناء قطر التي تسخر لهم إمكانيات ضخمة مادية ولوجستية بحسب رأيهم. ويقول الخبير في شؤون المنطقة فادي عساف لوكالة فرانس برس "لقد تحول الحذر واليقظة إزاء الإخوان المسلمين في بعض دول الخليج إلى الخوف بعد وصول الجماعة إلى السلطة في مصر وتونس". ويضيف مدير "استراتيجيك برسبكتيف" للأبحاث, ومقره بيروت, إن "السعودية حذرة كثيرا من النفوذ الإخواني المتصاعد والساعي للاستيلاء على كافة المنابر وخصوصا الأزهر بحيث قد يصبح التنظيم منافسا للمملكة على الساحتين الإسلامية والعربية". من جهته, تتفق وجهة نظر عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث مع ذلك قائلا لفرانس برس إن "الخطر يكمن في قيام أحزاب الإخوان الحاكمة بتوفير الدعم لجماعات الإخوان في منطقة الخليج". ويتابع عساف، إن "الإمارات قررت المواجهة المباشرة مع الإخوان, ولم تتردد أمنيا وقضائيا (...) فما تجرأ عليه الإخوان في الإمارات لم يتجرؤوا على فعله بعد في السعودية". وتعتقل السلطات الإماراتية العشرات من الإخوان المسلمين المتهمين بتلقي أموال من الخارج بغرض التآمر لقلب نظام الحكم, كان آخرهم عناصر نسائية و11 مصريا متهمين "بتدريب" إسلاميين محليين على كيفية الإطاحة بحكومات عربية. كما يشن قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان حملة شرسة على المرشد الروحي للإخوان الداعية المصري القطري يوسف القرضاوي, مهددا باعتقاله في خلال زيارته الإمارات. ويعبر عن اعتقاده بأن "الإخوان يتحركون في الكويت أملا في أن تتيح لهم الانقسامات الفرصة لكي يحسنوا موقعهم السياسي والاجتماعي". وتشهد الكويت منذ فترة احتجاجات, يعتبر الإخوان من أبرز محركيها, تطالب بإصلاحات سياسية تحد من سيطرة العائلة الحاكمة آل الصباح على مقاليد الأمور في دولة غنية بالنفط. لكن خالد الدخيل الباحث والأكاديمي يقول لفرانس برس إن "دول الخليج تواجه محليا الإصلاح السياسي, وإقليميا تداعيات ما يعرف بالربيع العربي أي حكم الإخوان في مصر وتونس". وبشأن المخاوف حيال الإخوان المسلمين, يوضح الدخيل أن "التخوف مبالغ فيه (...) وإذا كان الفكر الإخواني يشكل تهديدا فإن الشكل الوحيد لمواجهة وصولهم إلى الحكم هو البناء الداخلي سياسيا, واقتصاديا, وتعليميا". يشار إلى أن الفكر الإخواني في السعودية, حيث الغلبة للتيار السلفي, متمثل عبر الصحوة ومن أبرز رموزها سلمان العودة وعوض القرني. ويلفت الدخيل إلى أن "الفكر الإخواني المتدين الإقصائي موجود بسبب الفراغ السياسي والدستوري في المنطقة, فالاقتصار على الشكوى من الإخوان وعدم القيام بشيء داخليا يفتقد إلى الكثير من الحكمة". وحول الدور القطري, يوضح عساف أن الدوحة "تحترف تصدير التناقضات أو على الأقل تعرف كيف تبقيها بعيدة عنها, وتراهن على تحالفه مع الإخوان لكي تركب موجتهم وتسخر إمكانيات هائلة لمساعدة الإخوان في التمدد في كل الاتجاهات". ويتابع مشيرا إلى قناة "الجزيرة التي تخدم النهج الديني والاجتماعي والسياسي للإخوان وإمكانيات لوجستية ومالية واقتصادية ودبلوماسية (...) لكن, هذه السياسة تضع قطر بمواجهة الخليجيين". ويوافق بن صقر قائلا إن قطر "وجدت في الإخوان حليفا يؤثر في توجهات الشارع العربي, ويمتلك قدرات تنظيمية وانتشارا جغرافيا من الممكن أن يخدم مصالحها عبر التعامل من وراء ظهر الحكومات". ويضيف أن قطر تريد "خدمة المصالح الأمريكية في تدجين وتطويع الإسلام السياسي عبر التحالف مع الفكر الإخواني لمقارعة أخطار السلفية الجهادية والتكفيرية التي أظهرت قدرة فائقة على التعامل مع ضغوط الدول الغربية والأنظمة الحاكمة". ويقول العديد من المراقبين إن قطر تدعم الإخوان المسلمين في حين تقدم السعودية دعما للتيار السلفي. ووقعت الدول الخليجية خلال قمة المنامة الشهر الماضي اتفاقية أمنية تسمح بتبادل المعلومات حول المعارضين إلا أنها تواجه بعض التحفظات من جانب المعارضة الكويتية. وأشار مراقبون حضروا القمة الشهر الماضي إلى توتر بين قطر وبعض الدول بسبب الموقف من الإخوان وعزوا حضور ولي عهد قطر الشيخ تميم بدلا من والده إلى هذا السبب. ويعبر عساف عن اعتقاده أن "التباين في النظرة للإخوان المسلمين بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والكويت من جهة أخرى بدأ يؤثر سلبا على مشاريع التقارب والاندماج بين دول الخليج". ويختم قائلا "يبدو أن مخاوف السعودية والإمارات والكويت من نفوذ الإخوان المتصاعد قد يبلور تحالفات متناحرة ضمن البيت الخليجي والعربي والإسلامي الواحد, كتحالف بدا يظهر بين قطر ومصر وتركيا وآخر بين باقي دول الخليج والأردن".