مرة احتجزت الرقابة الفرنسية صحيفة لوكانار أونشيني، التي لم يكن يخل عدد منها من رسم صور كاريكاتورية للجنيرال دوكول، فقال الرئيس الفرنسي إن الديمقراطية الفرنسية اليوم حزينة. ولا أتصور فرنسا بدون لوكانار أونشيني. ويقول الصحافي الأمريكي دانيال هالين "الصحافة الحرّة ليست امتيازا بل ضرورة عضوية في مجتمع عظيم". أما أشهر إعلامي أمريكي والتر ليبمان فيقول "إن السعي إلى الحصول على الأخبار وتقديمها بصورة مستقلة هو الطّريقة التي تخدم بها الصّحافة الصالح العام. وعلى برامج تعليم الصحافة والكليات أن تصبح المواقع التي تترعرع فيها هذه المفاهيم وتحمى، ويكون الدفاع عنها دون كلل". ويقول جوزيف بوليتزر، صاحب جريدة "نيويورك وورلد"، وأول من أنشأ كلية للصّحافة في العالم "إن غاية العمل الصحافي ليست مجرد القيام بعمل صحافي، تماما كما أن علم الجراحة لا يسعى فقط إلى تمزيق المريض وخياطته، غاية الجراحة هي المداواة والشفاء. كذلك، فإن غاية الصحافة أكثر من مُجرد نقل الأنباء وكتابة القصص الإخبارية، وإن كانت المهارة والكفاءة ضروريتين لذلك، على غرار الجراحة. إن هدفها له علاقة بأمر أساسي أكثر هو خدمة المجتمع وتحقيق مصلحته". ويقول عبد الإله بنكيران، مدير جريدة الإصلاح والراية والتجديد سابقا ورئيس الحكومة حاليا "كاين شي جرائد راني غادي نوض ليهم" ومرة أخرى قال "كاين شي صحفيين شغلهم التشويش على الحكومة"، ولا يترك فرصة تمر دون أن يوجه سهام نقده للصحافة ويعتبرها عدوه الأول شبيهة أيضا بالتماسيح والعفاريت. وينص الدستور المغربي في الفصل 25 على أن "حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. وحرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي والتقني مضمونة"، ونقرأ في الفصل 28 "حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية. وللجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة. وتشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به". لكن من يسمع بنكيران كل مرة وقد كرر ذلك أمام المجلس الوطني لحزبه الذي انعقد أخيرا يخال أن الرجل ليس في المغرب ولا من المغرب، فالدستور في واد وبنكيران في واد آخر. يصر بنكيران على أن يحتوي الصحافة ويمزقها شر ممزق. حيث يتم وضعها في فسطاطين. فسطاط الطبالجية وفسطاط الأعداء. فبنكيران لا يقبل المعارضة من أي جهة كانت سواء كانت حزبا سياسيا أو جريدة تشرح الوضع الحكومي وتقترح مسالك للخروج من الأزمة غيرة على البلاد يحسبها بنكيران موجهة ضده. يبدو أن بنكيران بمحاولاته تكميم أفواه الصحفيين يكون ضد نفسه ولا يعرف مصلحته أين تكمن.