ملتمس الرقابة توحي تحركات بعض مكونات الأغلبية بأن التحالف الحكومي ليس على ما يرام، وأن الأمور تسير نحو الأسوأ، مما قد يؤدي إلى تفجير الحكومة من الداخل إذا لم يتدارك عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، طريقة تسييره للشأن العام، التي استشف منها شركاؤه السياسيون بأنها محاولة للهيمنة على المشهد السياسي، وطريقة للسطو على المجهود الجماعي، ومحاولة لتكميم الأفواه والحجر على الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة حتى يتسنى لحزب العدالة والتنمية. فتحركات الأغلبية في مواجهة بنكيران لم تعد خفية ولا مستورة بل أصبحت علنية، ويتم تداولها في الإعلام والمنتديات، وتحولت إلى حرب بيانات بين حزب العدالة والتنمية وباقي مكونات التحالف الحكومي، وصلت حد مطالبة الحكومة بالاعتذار لحزب الاستقلال، الذي سبق لنواب من فريقه أن انتقدوا مشروع قانون المالية، وهو الأمر الذي هاجمته الحكومة من خلال تصريح لوزير الاتصال، وهو التصريح الذي جعله في مرمى قذائف باقي مكونات الأغلبية التي تحولت إلى معارضة أخرى داخل الحكومة، تضاف إلى المعارضة البرلمانية خارج الحكومة. ويقود حزب الاستقلال حملة قوية لإعادة الأمور إلى نصابها مهددا باستعمال كل الخيارات، ورغم أن تصريحات الاستقلاليين تبقى في حدود التأكيد على حق نوابهم وقادتهم في التعبير، فإن من يفهم اللعبة جيدا يتأكد بأن حزب الاستقلال لم يعد راض عن مشاركته في الحكومة، التي يملك بنكيران كل مفاتيحها أو يحاول امتلاكها مما جعل أحزاب الأغلبية كومبارس لتأثيث المشهد، وهو الشيء الذي لا يمكن أن تقبله هذه الأحزاب بحكم تاريخها وخبرتها في تسيير الشأن العام، على عكس حزب العدالة والتنمية، الذي يعتبر وافدا جديد على هذا الشأن أو كما قال بنكيران "عاد بدينا نتعلموا هاذ الحرفة" لكن يبدو أنه يريد أن "يتعلم لحسانة فرْيُوس ليتامى". ومما يؤكد أن حزب الاستقلال سيتجه ربما نحو الخيارات الصعبة، هو انفتاح حميد شباط، الأمين العام الجديد للحزب والسياسي الظاهرة، على أحزاب المعارضة، ورغم أن زعماء الحزب أكدوا على أن هذا توجها عاديا في إطار الحوار مع المعارضة، غير أن اللعبة وقواعدها يفيدان أن شباط يسير نحو سحب البساط من تحت أرجل حكومة بنكيران، التي لم تعد تروق للاستقلاليين. ومن الخيارات الصعبة التي يمكن أن يلجأ إليها شباط، بعد أن نال دعم الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية في موقفه من تصريحات إخوان بنكيران، خيار إسقاط الحكومة، وذلك عن طريق ملتمس رقابة قد يدخل البلاد في مشهد سياسي معقد، لكن يفك معادلاته بنكيران الذي بين أنه ليس له في حل المعادلات بدءا بالمعادلات الاقتصادية التي تقف وراء توتر العلاقات بين مكونات الأغلبية.