انهار الاقتصاد الإسباني بشكل نهائي في ظل أزمته المرتبطة بديون أبناكه العالقة، قبل أن تتدخل أول أمس السبت منطقة اليورو باتفاق مع صندوق النقد الدولي لاتقاده بمَنْح إسبانيا مائة مليار أورو للخروج من هذه الأزمة في إطار برنامج إنقاذ تظل معه إسبانيا تحت المراقبة. وخرجت إسبانيا، الشريك الاقتصادي الثاني للمغرب بعد فرنسا، بالكاد من السكتة القلبية المُميتة بموجب هذه الخطة بعد أن تم تخفيض التصنيف الائتماني لعدد كبير من أبناكها بداية من 2009 انتهى بتخفيض التصنيف الائتماني لأحد عشر جهة وإقليما نهاية الأسبوع الثاني من يونيو الجاري. ومرت أزمة إسبانيا من مراحل عدة كان لها تأثير قوي على علاقاتها الاقتصادية مع المغرب في العديد من القطاعات، بداية من القطاع السياحي الذي تراجعت عائداته على الاقتصاد المغربي بتراجع توافد السياح الإسبان على المغرب كوجهة مفضلة، مرورا بتراجع الصادرات المغربية في اتجاه إسبانيا، خصوصا فيما تعلق بالنسيج والجلد والمواد الفلاحية بما فيها من الثروة السمكية التي لعبت إسبانيا دورا كبيرا بشأنها في إطار تجديد اتفاقية الصيد البحري، إضافة إلى تدني الاستثمارات الإسبانية المباشرة بالمغرب. إلا أن التأثير الكبير للأزمة المالية الإسبانية على الاقتصاد المغربي تتمثل في تدني تحويلات الجالية المغربية بإسبانيا بالعملة الصعبة إلى المغرب بعدما عاشت هذه الجالية على إيقاع فقدان مناصب الشغل بشكل تدريجي، ابتدأ في 2009 ليصل إلى ذروته نهاية ماي الأخير، وذلك نتيجة أزمة البطالة التي تفشت في جميع القطاعات الحيوية بإسبانيا، سواء في قطاع البناء والأشغال العمومية والعقار أو في قطاعات الفلاحة والسياحة والسيارات وقطاع الخدمات. وكان من نتائج ارتفاع البطالة في إسبانيا فقدان أكثر من مائة ألف عامل ومستخدم من جالية المغاربة بإسبانيا لمناصب شغلهم. وأفاد تقرير ميداني رسمي حديث أن الأزمة في إسبانيا أدت إلى فقدان 33 في المائة من مناصب الشغل بين الذكور (97 ألف منصب تقريبا)، في الوقت الذي كانت فيه حصيلة الإناث إيجابية بعض الشيء بزيادة 2,7 في المائة (أي 2000 منصب إضافي). وحسب التقرير، فقد شهدت الفترة الممتدة من 2009 إلى 2011 تسريحات بالجملة من مناصب الشغل القانونية، أدت إلى فقدان 16 ألف منصب شغل، وهو ما دفع أصحابها إلى اللجوء إلى مناصب شغل غير قانونية، مشددا (التقرير) على أن ثلثي شباب الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا (68.6 في المائة) يعانون من البطالة. ويبقى العدد المذكور قابلا للارتفاع مادامت الإحصائيات لم تشمل الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية. ولم تستبعد مصادر متطابقة أن تعرف الجالية المغربية المعطلة بإسبانيا عودة كبيرة إلى الوطن، عودة ستعرف بدايتها مع فصل الصيف لترتفع مع حلول شهر رمضان الفضيل، لتنضاف إلى عدد العاطلين المغاربة من أصحاب الشهادات وغيرهم من العاطلين وتنضاف كذلك إلى العاطلين المرتقبة عودتهم من بلدان شريكة تضررت هي الأخرى من الأزمة مثل إيطاليا واليونان. وتبقى عودة العاطلين من جالية مغاربة إسبانيا بهذا الكم إلى وطنهم الأم أحسن هدية تقدمها حكومة ماريانو راخوي إلى حكومة بنكيران، علما أن بنكيران كان بداية تعيينه في أعقاب انتخابات الخامس والعشرين من نونبر الأخير قد راهن على تحسين العلاقات الاقتصادية الثنائية بين البلدين والرفع من قيمتها بعد صعود الحزب الشعبي بقيادة ماريانو راخوي إلى الحكم، وهو الرهان الذي كان قد فسره استقبال رئيس الحكومة المغربية لوزير الحكومة الإسبانية بالأحضان والقبلات بمناسبة أول زيارة رسمية لحكومة حزب فرانكو إلى المغرب، نظير أول استقبال ديبلوماسي رسمي لحكومة حز ب البيجيدي. وكانت إسبانيا قد دخلت الأزمة الاقتصادية بشكل رسمي بعدما بلغ الدين العام فيها إلى734,961 مليار يورو، أي 68,5 % من إجمالي الناتج الداخلي في 2011 مقابل فقط 40,2 % أواخر العام 2008 حسب "يوروستات". ويتوقع أن يبلغ هذا الدين 80,9 % مع نهاية 2012 لينتقل إلى 87 % في 2013، فيما بلغ إجمالي الناتج الداخلي فيها إلى 107 برأي "يوروستات"، بينما بلغ النمو إلى0,7% في 2011، مع توقعات بأن يبلغ إلى 1,8 % في 2012 وناقص 0,3 % في 2013 حسب المفوضية الأوروبية. محمد عفري