لا نتمنى أن يكون عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، ممن يقولون ما لا يفعلون ويعدون بما لا ينفذون، ولقد أطلق بنكيران التزامات عديدة في حملته الانتخابية وحتى أثناء مرحلة تشكيل الحكومة وتقديم البرنامج الحكومي أمام البرلمان، ومع مرور الوقت ولكثرة اشتغال وزراء العدالة والتنمية على تلميع صورهم بدل إنجاز البرنامج كدنا ننسى وعود بنكيران ورهطه، ولكن مع كل خرجة من خرجات وزراء الحكومة نتذكر التزامات بنكيران التي قطعها على نفسه في البداية. لقد التزم بنكيران في برنامج حزبه الانتخابي بنسبة نمو تصل إلى سبعة في المائة، وفرح المهتمون والذين يفهمون لغة الأرقام، وعاد ليتراجع عنها ويحددها مع التحالف الحكومي في خمسة ونص، وقال المتخصصون، طبعا لقد اكتشف إكراهات الواقع والوضع الاقتصادي والمالي للمغرب الذي لم يكن على اطلاع جيد به لما كان في المعارضة، وعندما بدأ خبراؤه يحسبون الأمور جيدا تراجع الرقم إلى أربعة في المائة، وبعد أن صدر تقرير مفتي المال في المغرب (بنك المغرب) أصبحت النسبة لا تتجاوز ثلاثة في المائة. لو عرضنا هذا الخصم في النقط على خبراء المال والاقتصاد لأصيبوا بالدوخة. ووعد بنيكران الفئات الصغرى من الموظفين بجنة عدن كما يتصورونها، وحدد الحد الأدنى للأجر في ثلاثة آلاف درهم، وعندما دخل الحكومة، قال، إن الأمر صعب ولكن يمكن تحقيقه على مدى سنوات، وبدت مع هذا الأمر أولى التراجعات عن الالتزامات الاجتماعية والتي من أجلها صوت الناخبون على حزب العدالة والتنمية وبوؤوه الرتبة الأولى التي منحته رئاسة الحكومة وتشكيل التحالف الحكومي. ومن التزامات بنكيران التي أخلفها مباشرة بعد ذكرها، التزامه مع العاطلين والوعد بحل مشاكلهم، وهي القضية المعروفة ب"الكارت فيزيت"، إذ منح العاطلين معطياته الشخصية قصد الاتصال به لكنه مباشرة بعد ذلك قال لهم ابحثوا عن رئيس حكومة آخر ليوظفكم، وتركهم ينتظرون الحوار وفرص الحوار قبل أن يدرجه ضمن الملفات المركونة في الرفوف والتي يتكلف بها أحد مستشاريه المثير للجدل. ووعد بنكيران، أهل تازة، بزيارتهم قصد تدارس مشاكلهم الاجتماعية والجلوس على طاولة الحوار مع ممثليهم، لكنه لم يزر تازة وترك أناسها ينتظرون فاشتعلت الحرائق التي ينبغي أن يحاسب على جزء من المسؤولية فيها. ومن أهم ما التزم به بنكيران هو قضية التوظيف، فقد التزم بنكيران بأن يكون التوظيف عن طريق معايير الشفافية والنزاهة والاستحقاق، وهي معايير تعني أن من يستحق شيئا يحصل عليه وأن الوظائف بالتباري وليست بشيء آخر ولا مجال في حكومة بنكيران للزبونية والمحسوبية، لكن يبدو مع مرور الوقت أن الحكومة تلجأ إلى بعض التوظيفات "حسي مسي" دون أن يعلم بها مسؤولو الوزارات فبالأحرى المعنيون بتلك الوظائف من أطر عليا عاملة ومن حاملي الشهادات والدبلومات العليا ومنهم خريجو أرقى الجامعات العالمية. إن ما قام به بنكيران لحد الساعة، يبين، أنه لم يلتزم بوعوده التي قطعها على نفسه وأنه أخلف كل شيء وإذا استمر على هذه الحال فإنه سيخلف موعده مع التاريخ حيث تولى رئاسة الحكومة في مرحلة دقيقة جدا