تباينت ردود أفعال المصريين تجاه دعوتهم من قبل الرئيس "عبد الفتاح السيسي"، بالتبرع يوميا بمبلغ "جنيه مصري" (الدولار= 7.87 جنيه) لمساندة اقتصاد بلدهم، ما بين السخرية من الدعوة التي تأتي في ظل ظروف معيشية قاسية تجعلهم ينتظرون دعماً من الدولة لهم، لا ما تُحَصِّلُه منهم، وبين الاستجابة السريعة بالتبرع لصالح صندوق حكومي يهدف لإنعاش الاقتصاد المحلي. وكان السيسي قد دعا خلال حفل إطلاق استراتيجية للتنمية المستدامة بعنوان "رؤية مصر 2030"، أمس الأربعاء، الشعب المصري إلى التبرع يوميًا ب"جنيه مصري واحد"، من أجل مساندة اقتصاد بلاده.
وقال السيسي في خطابه، إن "إجمالي المبالغ التي جمعها صندوق "تحيا مصر"(صندوق حكومي لجمع التبرعات) حتى الآن، يبلغ 4.7 مليار جنيه"، منذ أن دشنته رئاسة الجمهورية مطلع يوليو/ تموز 2014، بهدف دعم الاقتصاد.
وأضاف، "لو كل واحد صحي الصبح (استيقظ صباحا) دفع جنيه عن طريق موبايله (هاتفه المحمول)، هنجمع (سوف نجمع) في الشهر 300 مليون جنيه، وفي السنة 4 مليارات جنيه".
التصريحات السابقة تلقفها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بسخرية، وآخرون عملوا على الترويج لدعوة "السيسي"، عبر حث المصريين على التبرع، فيما ظل هاشتاج "#صبح_على_مصر_بجنيه" الأعلى في مؤشر موقع التدوينات القصيرة "تويتر"، منذ يوم أمس.
السخرية التي يشتهر بها المصريين، كانت حاضرة بقوة على مواقع التواصل، حيث قال أحد النشطاء في مشاركة ساخرة له: "جيت(أردت) أصبّح على مصر لاقيتها(وجدتها) لسه(ما تزال) نايمه(نائمة)". وكتب آخر: "القبض على خلية إرهابية أثناء تخطيطها للقيام بضرب الاقتصاد المصري عن طريق تفجير موبايل أحد المواطنين الشرفاء"، في إشارة ساخرة إلى الإعلانات الحكومية المتكررة بخصوص القبض على خلايا إرهابية.
فيما علّق مغرّد قائلا: "مفيش (لا يوجد) غير نصف جنيه معايا ينفع(يجوز) أصبّح به"، و"صباح الخير ياحبيبتي. يا مصر.. وصلك الجنيه ولا اتسرق.. وحياتك ماتصرفيش(لا تنفقي) الجنيه في الحاجات البطالة زي (مثل) قنابل الغاز والرصاص"، في إشارة إلى القوات الأمنية.
على جانب آخر، استقبل مؤيديو الرئيس المصري المبادرة باعتبارها "المنقذ" للاقتصاد المتراجع، منذ أحداث الثورة ضد نظام الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك، في يناير/ كانون الثاني 2011.
وقال محمد عشماوي، المدير التنفيذي لصندوق "تحيا مصر"، إن حجم التبرعات لمبادرة "صبّح على مصر بجنيه" بلغت حتى الآن، مليون جنيه.
وأضاف "عشماوي"، في تصريحات للتلفزيون الحكومي، اليوم الخميس، أن "مبادرة الرئيس أمس الأربعاء، لدعوة المصريين للتبرع هدفها حل مشاكل مصر، ورغم أن المبادرة تشير إلى التبرّع بجنيه إلا أن قيمة الرسالة المرسلة للصندوق تقدّر ب 5 جنيهات".
ولا تكشف السلطات المصرية عادة عن مصادر إنفاق حصيلة صندوق "تحيا مصر"، أو المبالغ التي تحصل عليها من الجهات المانحة الخارجية، لكن الحكومة تتحدث بشكل مستمر عن تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
من جانبه، اعتبر سعيد صادق، أكاديمي مصري متخصص في علم الاجتماع السياسي، أن مبادرة "السيسي" تعطي إحساسًا ب"القلق"، حول الأزمات الاقتصادية التي تواجهها مصر، معربا عن اعتقاده أن الرئيس المصري، أراد من وراء المبادرة توجيه رسالة، بأن "بلاده تواجه أزمة اقتصادية متصاعدة".
وقال صادق، في اتصال هاتفي مع "الأناضول"، إن "بعض المصريين الذين تلقفوا المبادرة بالسخرية، يستنكرون دعوة الرئيس للتبرع بينما ما يزال رجال الرئيس الأسبق حسني مبارك فوق المساءلة، عن الأموال التي تحصلوا عليها بدون وجه حق".
وأضاف، أن "البعض يطرح تساؤلات، كان أولى على الحكومة تحصيل الأموال من رجال الأعمال في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك".