في خرجاته التي يستهدف بها خصومه المطالبون بتشريع الإجهاض وإلغاء تجريمه ، زعم د.الريسوني وادعى ما يلي ( أما الإسلاميون فمعركتهم إنسانية، لأنهم يدافعون عن حق الإنسان في الحياة، بل عن حق الأجيال في البقاء، ويتمسكون بتجريم قتل الأجنة البريئة، إلا لعذر قاهر). هذا الادعاء يحرض على طرح السؤال : هل حقا الإسلاميون يخوضون معركة من أجل الإنسانية ؟؟ وهل يؤمنون بالقيم الإنسانية ؟ وهل يقرون للمرأة بإنسانيتها ؟ وهل يحترمون إنسانية المرأة وبقية خلق الله غير المسلمين ؟ الجواب عن هذه الأسئلة لا يستغرق منا عناء البحث وطول التفكير لوفرة الأدلة وتواتر الوقائع وثبات المواقف على مدى عقدين ونيف على الأقل ، أي منذ إطلاق عريضة المليون توقيع لتعديل مدونة الأحوال الشخصية التي بادرت إليها عضوات القطاع النسائي لمنظمة العمل الديمقراطية سنة 1992 ، وفتوى الحبيب التجكاني وصمة عار في جبينه وجبين تياره . وكذلك مواقف التيار الإسلامي وفتاواه التحريضية ضد واضعي مشروع خطة إدماج المرأة ومسانديها . علما أن النساء الإسلاميات هن أول المستفيدات من تطبيق مدونة الأسرة ، وآخرهن الوزيرة سومية بنخلدون التي انفصلت عن زوجها دون أن تعاني من وضعية "المعلقة لا هي مزوجة ولا هي مطلقة" أو تقاسي السحل على يد الزوج مرفوقا برجال الأمن أو الدرك ، وبحكم من المحكمة إلى "بيت الطاعة" ، أو تخضع للابتزاز والاستغلال إن هي لجأت إلى طلب الخلع الذي يشترط عليها إرضاء الزوج . فهل من الإنسانية : 1 أن يرفض الإسلاميون ، وعلى رأسهم الريسوني وحركته وحزبه ، حق المرأة في الطلاق (تطلق نفسها من زوج يغتصبها ويعنفها ويستغلها أبشع استغلال) ويبقون عليها رهينة زوج متوحش ، هل هو من الإنسانية ؟؟ ألم يناهض الإسلاميون مطلب وضع الطلاق بيد القضاء ؟ أية إنسانية هذه التي تفرض على المرأة كل أصناف التعذيب ؟ 2 أن يرفض الإسلاميون مطالب الحركة الحقوقية والنسائية بوضع قانون يعاقب الزوج على اغتصاب زوجته ، بحجة أن الدين منع إفشاء الأسرار الزوجية (مقال لمحمد بولوز في الموضوع بهسبريس ، وهو عضو بحركة الريسوني ) هل هذا الرفض من الإنسانية واحترام المرأة والإقرار بإنسانيتها ؟ 3 رفض اقتسام الممتلكات الزوجية بين الزوجين حتى لا تحصل الزوجة المطلقة على نصيبها مما تراكم من ممتلكات وساهمت في إنتاجها وتنميتها ، بحجة أن الإسلام يحرم أكل أموات الناس بالباطل ، هل هو من الإنسانية ؟ هل نُذكّر السيد الريسوني ببيانه المناهض لمطلب اقتسام الممتلكات الزوجية ؟ أي إنسانية هذه التي تسمح بتشريد الزوجة بعد أن أفنت شبابها واستنزفت الحياة الزوجية كل قوتها ، فلا يكون لها مما ساهمت في مراكمته سوى نفقة بضعة شهور ؟ 4 الإصرار على حصر النفقة على المطلقة في العدة الشرعية ورفض منحها تعويضا عما لحقها من أضرار نفسية واجتماعية ومادية جراء الطلاق القسري ، وتشريدها بعد عقود من الزواج بدون سكن ولا مصدر رزق وقد أخذ منها الكبر والزمن والعجز كل شبابها ونضارتها وقوتها ، هل هو من الإنسانية ؟؟ 5 رفض تحديد سن الزواج في 18 سنة والإصرار على تزويج القاصرات والطفلات وتعريض حياتهن للخطر وأجسادهن للتشويه والأمراض والاستغلال ، هل هو من الإنسانية ؟؟ لقد علل الدكتور الريسوني وعموم الإسلاميين أن رفع سن الزواج هو تحريض على الفساد وتشجيع عليه ، بينما تزويج القاصرات هو لهن عفاف وكفاف في منطق الإسلاميين . فلولا الحركة النسائية والحقوقية لأوغل الإسلاميون في هتك وافتراس أجساد النساء وكرامتهن . فلا أشد عداء للنساء من الإسلاميين . 6 الإصرار على تعدد الزوجات وما يرتبط به من تفكك الأسر وتشريد الأطفال وإهمال الأسر ، ليس أبدا من العدالة ولا من أسبابها ، فكيف سيكون من الإنسانية ؟ 7 التصدي للحكومة (حكومة عباس الفاسي ) والتحريض ضدها حين رفعت تحفظات المغرب عن كل أشكال التمييز ضد المرأة ، هل هو من الإنسانية ؟ فمن يصر على تأبيد العنف والتمييز بكل أشكالهما ضد النساء ؟ مناهضو الإجهاد أم مؤيدوه ؟ 8 مناهضة ولاية المرأة على نفسها في الزواج والتشبث بجعلها رهينة الولي وسلعة يتاجر فيها وعبئا يتخلص منه ، هل هذا موقف سليم من المرأة وشعور إنساني بمعاناتها جراء إكراهها على الزواج ؟ وهل الإصرار على وجود الولي إقرار بكفاءة المرأة وأهليتها ؟ وهل تبخيس المرأة واحتقار قدراتها العقلية من الإنسانية ؟ لما نسلب من المرأة عقلها وإرادتها فماذا عسانا نبقي منها ؟ أليس الجسد فقط؟ أليس العورة فقط ؟ أليس الجنس فقط ؟ 9 رفض إسلاميي الجزائر ومناهضتهم لمشروع قانون يشدد عقوبة اغتصاب الزوج لزوجته ،وتجريم العنف الزوجي ، هل هو من الإنسانية ؟ (وفاة 200 زوجة سنويا بسبب العنف الزوجي في الجزائر) . 10 كشفت عائشة الشنا، رئيسة جمعية التضامن النسوي، أن 24 مولودا، خارج بيت الزوجية، يرمى بهم في الأزبال بالمغرب. فهل إرغام الأمهات على حمل الأجنة كرها ورمها في الأزبال بعد الولادة من الإنسانية ؟ 11 الإصرار على تشريد 1000 طفل يوميا بمنع أمهاتهن من الإجهاض ، دون أن توفر لهم الدولة والمجتمع هوية سليمة وكرامة محترمة ، هل هو من الإنسانية ؟ أيهما أسلم في هذه الحالة : إجهاضهم أجنة أم إجهاضهم أطفالا وأحلاما ومستقبلا ؟ الإنسانية قيم وسلوك ومواقف نبيلة بعيدا عن المذهبية أو العرقية ؛ وهذا ما يفتقر إليه الإسلاميون .