دعا أكاديميون وسينمائيون مغاربة، خلال ندوة نظمت أمس الخميس بخريبكة، إلى النهوض بقضايا الفيلم الوثائقي باعتباره جنسا فنيا وإبداعيا يشكل ركيزة أساسية في الهوية الوطنية والثقافة الإنسانية وذخيرة لامادية نفيسة تحفظ الذاكرة الجماعية والثقافية للشعوب. وشددوا ، خلال الندوة الرئيسة للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة (24-27 دجنبر) حول موضوع "الفيلم الوثائقي.. والذاكرة التاريخية"، على ضرورة إيلاء مزيد من الاهتمام والعناية لهذا الإبداع في الخطاب السينمائي ومراميه النبيلة من أجل صيانة الذاكرة التاريخية وبناء مستقبل الأجيال. وسلطت مداخلات الندوة، التي شارك فيها عدد من الباحثين والفاعلين في الحقل السينمائي ، الضوء على أهمية الفيلم الوثائقي في توثيق وتفكيك وتحليل الذاكرة التاريخية بكل مكوناتها ، وقضايا مرتبطة بأهمية المخطوط كسجل توثيقي للذاكرة العربية والإنسانية وقيمته التاريخية والحضارية في مختلف الأقطار العربية والإسلامية، مشيرة إلى المخاطر التي أصبحت تهدد هذا الإرث الثقافي والحضاري. وتطرقت المداخلات، من جهة أخرى، إلى ذاكرة الفيلم الوثائقي في المغرب منذ الاستقلال والتي اتسمت بضعف إنتاج هذا الصنف من السينما المغربية إلى الوقت الراهن الذي عرف فيه الفيلم الوثائقي اهتماما متزايدا كجنس سينمائي يساهم في توثيق التاريخ المحلي بطريقة مناسبة. ولامست الندوة أيضا العديد من الأسئلة الأكاديمية والمفاهيمية حول الفيلم الوثائقي والسينما والذاكرة التاريخية ومواضيع ارتبطت بمضامين وصناعة الفيلم الوثائقي وارتباطه بالواقع وعلاقة الوثائقي بالتخييلي ، مشيرة إلى تجارب وإبداعات مخرجين مغاربة أبدعوا في إخراج أفلام وثائقية أمثال لحسن زينون وسعد الشرايبي وحكيم بلعباس ومومن السميحي. يذكر أن المهرجان ، الذي تنظمه جمعية المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة بدعم من المجمع الشريف للفوسفاط والمركز السينمائي المغربي وقناة الجزيرة الوثائقية ومركز تفسير للدراسات القرآنية بالمملكة العربية السعودية ومركز الجزيرة للتدريب والتطوير ، يهدف إلى تنمية الإنتاج السينمائي الوطني في شقه الوثائقي والمساهمة في نشر الثقافة المهنية الوثائقية والمساهمة في التعريف بالفيلم الوثائقي الوطني والعربي والدولي. كما تروم هذه المبادرة الثقافية، التي تنظم بتعاون مع عمالة إقليمخريبكة والجماعة الحضرية للمدينة، تشجيع المخرجين المغاربة على انجاز أفلام وثائقية وتطوير القدرات التقنية والرقمية من خلال ورشات تكوينية لفائدة المهتمين ، فضلا عن المساهمة في توثيق الذاكرة الوطنية والمحلية والعالمية. ويتضمن برنامج هذه التظاهرة الثقافية السنوية، الذي اختار هذه السنة دولة اسبانيا ضيفة شرف له، سلسلة من الأنشطة تشمل بالأساس عروض المسابقات وأخرى سينمائية تعرض بمؤسسات تربوية وتكوينية وجامعية واجتماعية وسجنية ، وتكريم شخصيات من داخل وخارج المغرب، وتنظيم لقاءات مفتوحة وورشات مع بعض المهنيين في مجال الفيلم الوثائقي وتوقيع وتقديم إصدارات وأمسيات فنية.