بدأت اليوم في أنقرة محاكمة الرئيس التركي الأسبق الجنرال المتقاعد كنعان إيفرن مع قائد القوات الجوية سابقا تحسين شاهين كايا عن دورهما في قيادة انقلاب عام 1980، في قضية لا سابق لها في تركيا التي استولى الجيش على السلطة فيها ثلاث مرات منذ 1960. وانضمت حكومة رئيس الوزراء التركي الحالي رجب طيب أردوغان أمس الثلاثاء والبرلمان والمعارضة إلى 350 فردا وجماعة على الأقل بوصفهم مدعين في القضية كأطراف متضررة، مما يعني أن شكاواهم ستوضع في الاعتبار أثناء المحاكمة ومرحلة إصدار الحكم المحتمل. وتجمع مئات المتظاهرين أمام قصر العدل استجابة لدعوة العديد من الأحزاب اليسارية الصغيرة للمطالبة بتحقيق العدالة لضحايا الانقلاب. ورفعوا لافتة كتب عليها "ضمير الانقلابيين أمام القضاء" كما رفع بعضهم صور رفاق لهم قتلوا في السجن. وبعد أكثر من ثلاثين عاما تبدأ المحكمة النظر في القضية المقامة ضد إيفرن (94 عاما) والمخطط الآخر للانقلاب الذي لا يزال على قيد الحياة وهو قائد القوات الجوية سابقا تحسين شاهين كايا (87 عاما)، ولم يحضر الرجلان المسنان والمريضان الجلسة الأولى من محاكمتهما بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الدولة" من خلال ذلك الانقلاب الذي أعدم فيه نحو خمسين شخصا واعتقل مئات الآلاف. ونظرا لضعف إيفرن فإنه من غير المرجح أن يمثل أمام المحكمة، خاصة أنه خضع مؤخرا لجراحة في الأمعاء، وذكرت وسائل إعلام تركية يوم الثلاثاء أن إحدى ذراعيه كسرت، ولكن مكتب الادعاء قد قال إنه يمكن أن يستمع إلى شهادتي إيفرن وشاهين كايا عبر دائرة الفيديو المغلقة. وقال إيفرن إنه غير نادم على الانقلاب مجادلا بأنه أعاد النظام إلى تركيا بعد سنوات من الفوضى قتل خلالها خمسة آلاف شخص في أعمال عنف اندلعت بين اليمين واليسار، وقال في كلمة له عام 1984 بعد عام من تسليم الحكم لحكومة مدنية "هل ينبغي أن نطعمهم في السجون طوال سنوات بدلا من إعدامهم". وكان الجيش قد أطاح ثلاث مرات بحكومات منتخبة في أعوام 1960 و1971 و1980 باسم الدفاع عن مبادئ الجمهورية التركية التي أرساها مصطفى كمال أتاتورك. كما أبعدوا حكومة نجم الدين أربكان الإسلامية عام 1997 عن الحكم. لكن انقلاب 12 سبتمبر/أيلول 1980 كان الأكثر دموية إذ اعتقل خلاله مئات الآلاف وأدين نحو 250 ألفا منهم، في حين أعدم خمسون شخصا وتوفي العشرات في السجون جراء التعذيب، كما اضطر عشرات آلاف الأتراك إلى الهجرة. ويقول قادة انقلاب 1980 إنهم اضطروا للتدخل لإعادة النظام بعد سنوات من الفوضى، كما أنهم شعروا في أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979 بالقلق، مما اعتبروه تهديدا من جانب الإسلاميين للجمهورية العلمانية التركية.