اختتمت زيارة الملك الاسباني خوان كارلوس للمغرب بالعديد من العائدات الإقتصادية والسياسية وبلا عائد سياسي أو ترابي للمغرب، وعليه فإن لا مؤشرات عملية يمكن أن نقييم بها اختتام زيارة العاهل الإسباني خوان كارلوس للمغرب مؤخرا. والأكيد أن التحرك الملكي الإسباني في اتجاه المغرب ناذرا ما كان إيجابيا للمغرب، ونتذكر إساءته للوحدة الترابية للمغرب بزيارته السيئة الذكر لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين استجابة للضغط الحزب الشعبي الإسباني. وعلى مسار هذا النسق التاريخي للزيارات الملكية الإسبانية في إتجاه المغرب إما غازيا (الاحتلال الإسباني) أو مستفزا أو مستغلا، وعليه فإن زيارة خوان لن تخرج عن هذا النسق. ذلك أن المارد الإسباني لم يكن له أن يقصدنا إلا التماسا للتداوي من جرح الأزمة المالية والإقتصادية التي تعصف بمملكته. فقد أعلن بنك إسبانيا عشية زيارته للمغرب عن استمرار ارتفاع الدين العام الذي يصل إلى 334,937 مليار يورو؛ أي ما يناهز 5,89% من الناتج الداخلي الخام، ويتوقع أن يتواصل باستمرار ارتفاع الدين الداخلي خلال هذه السنة ليصل إلى 5,90%.. ويستوعب المغرب هذا الواقع بالتأكيد فإنه يروم تطوير طبيعة الحوار الاستراتيجي المغربي الإسباني الذي يجب أن يكون متوازنا ونديا في تدبير علاقات التعاون بين البلدين. وذلك على ضوء معالم شراكة استراتيجية حقيقية مع الجانب الإسباني. وإذا كان المغرب يبدي الكثير من التسهيلات لخلق متنفس استثماري للمقاولات الإسبانية التي ارتفع استيطان أعدادها للمغرب، حتى أن هذه التسهيلات المغربية جعلت اسبانيا تتصدر الشركاء التجاريين الأوربيين بالنسبة للمغرب لتتجاوز شريكه الاستراتيجي فرنسا. وإذ يغامر المغرب بفرنسا فإن حسن النية هذه لم تجد صداها الحقيقي بعد لدى الجانب المغربي الذي لا يزال يرى في المغرب حديقة خلفية لحل اشكالية الصيد البحري وأزماته الإقتصادية. وعلى الرغم من ذلك فإن المغرب يأبى إلا أن يقدم للاقتصاد الإسبانية عند كل أزمة قُبْلَة حياة، لكنه بالمقابل لا يلقى جزاءا من الجانب الإسباني. إن معالم التجاهل الإسباني لتطوير العلاقات مع جاره الجنوبي بدت في تضمين البيان المشترك لعبارة الصحراء الغربية وخلوه من أي إشارة إلى جدية مقترح الحكم الذاتي، مكتفيا بالتأكيد على أن اسبانيا تدعم المساعي المبذولة في اطار الاممالمتحدة لتحقيق حل سياسي عادل ودائم ومتفق عليه لقضية (الصحراء الغربية) تماشيا مع المعايير التي ينص عليها مجلس الأمن. وبالتالي، فإن صيغة البيان كانت مجحفة في حق المغرب، لأنه فضلا على ما سبق لم يشر إلى مستقبل الحوار السياسي بشأن الخلافات الترابية بين المغرب وإسبانيا ومنها مصير المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية وباقي الجزر. وهكذا فإن نتائج زيارة العاهل الإسباني للمغرب لم ترق إلى مستوى ما يوليه المغرب من دعم ومساندة لإسبانيا. وهو ما يكشف عن الحاجة إلى حوار واقعي أكثر لرهن أي تعاون مستقبلي بناء على الندية في تدبير العلاقات الإقتصادية السياسية. إن تنزيل الشراكة الإستراتيجية الموقعة مع المغرب بمدريد قبيل زيارة العاهل الإسباني خوان كارلوس لم تترجم بُعد الندية ولم تكن على قدر الحماسة المغربية على مستوى التوافق السياسي فيما يتعلق برؤية المغرب لحل نزاع الصحراء وكذا فيما يتعلق بالنقاش السياسي حول الخلافات الترابية بين المغرب واسبانيا، لاسيما أنها كانت على الدوام مصدر توتر علاقات البلدين. وإن توجت زيارة العاهل الإسباني بترأسه المنتدى الاقتصادي لإسبانيا والمغرب بالرباط، وكذا بعد ترأسه إلى جانب الملك محمد السادس حفل توقيع اتفاقية بين رئيس الاتحاد الاسباني لمنظمات الأعمال ورئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب بما يمكن من تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين في مجالات التنمية الدولية، فإن ذلك قد كان على حسان المغرب. ٭متخصص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي