يبدو أن القضاء الإسباني يفقه طبيعة الحركات الإسلامية أفضل من بعض الأجهزة الأمنية للجارة الإيبيرية، فقد أقرت المحكمة الوطنية في إسبانيا منح الجنسية الإسبانية لعضو بحركة التبليغ والدعوة، بعد أن رفضت السلطات المختصة منحه إياها في 2006 بناء على تقرير أعده المركز الوطني للاستخبارات الإسباني والذي اعتبر جماعة الدعوة والتبليغ جماعة "تدعو للتفرقة العنصرية وأنها مناوئة للاندماج الاجتماعي". وبررت المحكمة الوطنية نقضها للقرار الإداري بمنع المواطن من أصول مغربية من الجنسية، بأن نشاطه ضمن حركة الدعوة و التبليغ لايمنع من اندماجه داخل المجتمع الإسباني، وكما يثبت ذلك من خلال شهادة معلمي أبنائه ومن مشاركته في الاحتفالات المحلية في منطقة إقامته وأنشطته لدعم المهاجرين. وحسب مصادر صحفية، فقد قامت وزارة العدل باستئناف الحكم، وستوفر الاستخبارات الإسبانية فيما علم تقارير أخرى لدعم قرار وزارة العدل. يشار إلى أن هذه الأخيرة درجت على رفض منح الجنسية لأعضاء في جماعة التبليغ والدعوة في السابق، لا لشيء سوى انتمائهم إلى هذه الجماعة، بسبب تقارير سلبية تعدها الإستخبارات عنهم في كل من إشبيلية ومورسيا وهويلبا. يذكر أن المواطن المغربي لديه تصريح بالإقامة منذ 1991 وهو أب لأبناء إسبان. هنا يبقى السؤال هل قضاة المحكمة الوطنية أعلم بفكر وطبيعة الحركات الإسلامية من الاستخبارات الإسبانية، فكما هو معلوم فمنهج الجماعة منذ أن أطلقها الشيخ محمد إلياس، بعد أن طلق الطريقة النقشبندية بباكستان قد اختارت نهجا مسالما، يستبعد كل ما من شأنه أن يثير الاختلاف والشقاق سواء كان سياسيا أو فقهيا، وأعلنوا في وجه السياسة حديث النبي صلى الله عليه وسلم "من حسن إسلام المرء تركه ما لايعنيه". وهذا التجاوز للسياسي للاختلاف الفقهي هو الذي أتاح لشعار "علم الأقدام لاعلم الأقلام"، أن يحمل رجال التبليغ إلى كل بقاع العالم و في زمن مبكر من القرن الماضي. لأن منهجيتهم الوعظية البحتة التي تتجاوز الخلافات المذهبية والسياسية، وفرت عليهم غيرة وتوجس السلطات والحكومة في شتى دول العالم إلا النزر اليسير. فهل منحت دربة المحكمة الوطنية مع قضايا الإرهاب حنكة جعلتها أقدر على التمييز بين اتجاهات مختلف الحركات الإسلامية فيما عجزت الإستخبارات عن ذلك؟