اختتم مساء أمس السبت مهرجان كان 2018 االذي كان قد ابتدأ نطلق في 8 ماي، في حفل قدمه الممثل إدوار باير. وعرض خلاله فيلم الاختتام “الرجل الذي قتل دون كيشوت” للبريطاني تيري غيليام، في حين كان فيلم “الجميع يعلم” للإيراني أصغر فرهادي قد افتتح الدورة (وشارك في المسابقة الرسمية في نفس الوقت). وفاز الياباني هريكازو كوري إيدا بالسعفة الذهبية للدورة 71 للمهرجان عن فيلم “مسألة عائلية”، كما قرر المهرجان إسناد سعفة ذهبية خاصة للمخرج السويسري الفرنسي جان لوك غودار. ونالت المخرجة اللبنانية نادين لبكي جائزة لجنة التحكيم عن فيلم “كفر ناحوم”. ينتمي الياباني هريكازو كوري إيدا الفائز بالسعفة الذهبية إلى حلقة المخرجين المعتادين على تقديم أفلامهم في الكروازيت، فهذه هي المرة السادسة التي يشارك فيها في المسابقة الرسمية. وكان فيلمه “مثل الأب مثل الابن” قد أحرز جائزة لجنة التحكيم في 2013، في حين فاز بطل فيلم “لا أحد يعلم” بجائزة أفضل ممثل عام 2004. يشكل كوري إيدا مع مواطنيه كيوشي وأيوما وكوازي جيل سينمائيين خلفوا “الموجة الجديدة” اليابانية، ولم يكن الأمر هينا فأعمال أوشيما وإيمامورا ويوشدا كانت بدورها قد شكلت قطيعة مع الأفلام الكلاسيكية بجماليتها الصاعقة. وكوري إيدا وريث جدير بهذه الثقافة. في “مسألة عائلية”، تعترض طريق أوسامو وابنه طفلة مهملة في الشارع. بعد تردد في تبنيها، تقبل زوجة أوسامو التكفل برعاية البنت لا سيما حين تدرك أن الصغيرة كانت تتعرض للتعنيف داخل عائلتها. عائلة أوسامو تنتمي للطبقة الفقيرة، ولأن معاشاتهم ضعيفة، يعتمد أفرادها على عمليات سرقة واحتيال صغيرة لتوفير حاجياتهم. رغم الفقر، تبدو العائلة سعيدة لكن حادثة تفجر أسرارها الرهيبة. وقال كوري إيدا عند تسلمه الجائزة “السينما مكان مليئ بالشجاعة ففيه يمكن للعوالم المتنازعة أن تلتقي”. وقرر المهرجان منح سعفة ذهبية خاصة للسويسري الفرنسي جان لوك غودار تكريما لمسيرته المهنية. وشاك غودار في المسابقة الرسمية بفيلم “كتاب الصورة” وهو عمل تجريبي غامض لكن يتضمن في طياته رسالة قوية بشأن العالم العربي. في فيلمه الأخير تجميع كثيف ولصق للصور والفيديوهات. فيلم عن غروب حضارتنا، يسعى فيه المخرج إلى إثبات أن عالمنا وصل إلى الأوضاع المأسوية التي نعيشها لأننا، والغرب بالذات، أهملنا العالم العربي. أما الأمريكي سبايك لي الذي عاد إلى الكروازيت بعد عشرين عاما من الغياب بفيلم “بلاكككلانسمان” الذي فاز بالجائزة الكبرى، ثاني أكبر جوائز المهرجان. ويسرد الفيلم قصة (مستوحاة من الواقع) رون ستالورث أول شرطي أسود ينجح في نهاية سبعينات القرن العشرين في الانضمام إلى شرطة كولورادو. سريعا ما ينطلق الشاب في مهمة مخابراتية تتمثل في اختراق منظمة “كو كلوكس كلان”! تؤمن هذه المنظمة التي تعمل فروعها حتى اليوم، بتفوق العرق الأبيض ومعاداة السامية وكراهية السود. وفي الفيلم معاني انتقاد لاذع ومباشر لسياسة الرئيس دونالد ترامب، ومواد وثائقية تحيل على أحداث “شارلوتسفيل”. القيمة الكبرى للفيلم تكمن في خطوط الاندفاعية والغضب والفعالية التي تميز سبايك لي واهتمامه الدقيق بالتاريخ والأفكار والكلمات. يعي المخرج أن هذه القصة تكتب في أمريكا بمواد السينما، فلا يبخل في الإحالة على تاريخ الفن وتاريخ البلاد عبر فيلم سرعان ما يتحول إلى صناعة تجريبية وملتزمة. فازت اللبنانية نادين لبكي عن فيلم “كفر ناحوم” بجائزة لجنة التحكيم، وهو أول عمل لبناني منذ 27 عاما نافس على السعفة الذهبية، بعد مشاركة الراحل مارون بغدادي عام 1991 والذي كان قد أحرز بدوره جائزة لجنة التحكيم عن فيلم “خارج الحياة”. ولبكي وهي رابع مخرجة لبنانية (وثاني امرأة) تشارك ضمن المسابقة الرسمية بعد كل من جورج نصر بفيلمه “إلى أين” عام 1957، وهيني سرور بفيلم “ساعة التحرير دقت” (وكانت أول امرأة عربية تشارك في المسابقة الرسمية) سنة 1974 ثم مارون بغدادي. وقالت لبكي عند تسلم الجائزة مساء السبت “السينما ليست فقط للترفيه وللحلم بل للمساعدة والتفكير”. والطفولة المهمشة، واللاجئون السوريون، وعاملات المنازل من إثيوبيا والفلبين المهضومة حقوقهن، وزواج القاصرات… كل هذه المواضيع جمعت في الفيلم فكان حقا “كفر ناحوم” بمعنى فوضى عارمة. وتابعت لبكي “الطفولة المهمشة هي سبب الشر الذي يسود العالم” وأهدت الجائزة لبلادها فقالت “رغم كل ما نعيبه على لبنان فهو يبذل ما يمكن ويستقبل أكبر عدد من اللاجئين في العالم”.