أظهرت نتائج الانتخابات المغربية تقدما لحزب العدالة والتنمية الإسلامية لكنه عجز عن تحقيق نسبة مريحة مما يجبره على البحث عن تحالفات مع ألاحزاب الوطنية والليبرالية والاشتراكية لتشكيل الحكومة التي من المتوقع ان يكلفه بها العاهل المغربي محمد السادس وفق للدستور الجديد. وأعلن الطيب الشرقاوي وزير الداخلية المغربي في مؤتمر صحفي في العاصمة الرباط حضره مراسل "ميدل ايست اونلاين" أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي فاز بالمرتبة الأولى ب80 مقعد متبوعا بحزب الاستقلال ب45 مقعدا وحزب التجمع الوطني للأحرار ب38 مقعدا وحزب الأصالة والمعاصرة ب33 مقعدا وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ب29 مقعدا والحركة الشعبية ب22 مقعدا والاتحاد الدستوري ب15 مقعدا وحزب التقدم والاشتراكية ب11 مقعدا وحزب العمال بمقعدين وحزب التجديد والإنصاف بمقعدين. فيما حصلت أحزاب صغيرة أخرى على مقعد واحد. وقال وزير الداخلية المغربي في ندوة صحفية أن هذه النتائج تبقى مؤقتة وتشمل 288 مقعدا من 395 مقعدا برلمانيا. في غضون ذلك عبر عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عن استعداده لتشكيل ائتلاف حكومي للدفاع عن "الديمقراطية" و"الحكم الرشيد" بعد أن حصل حزبه على المرتبة الأولى في الانتخابات وينتظر تكليف الملك محمد السادس لحزبه وفقاً للدستور. وقال في تصريح صحفي "نحن منفتحون على الجميع" من أجل تشكيل ائتلاف حكومي، واعتبر هذه النتائج الانتخابية بأنها "تحول تاريخي". وقال زعيم الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية لحسن داودي "فزنا حتى على مستوى القرى الصغيرة التي لا نتواجد فيها تقليديا"، مضيفا ان ذلك "نصر كبير". ووصف رئيس الوزراء عباس الفاسي الذي حل حزبه "الاستقلال" ثانيا في الانتخابات التشريعية بحسب النتائج الجزئية، مشاركة الناخبين بأنها "ايجابية على الرغم من الدعوات إلى المقاطعة". وقال "مع 45.4% من المشاركين، عبر الناخبون عن رضاهم عن حصيلة عمل الحكومة التي نفذت 85% من تعهداتها في كل القطاعات". وأضاف ان حزب الاستقلال مستعد للمشاركة في مشاورات حول الاشتراك في الحكومة المقبلة. وقال محمد سعد العلمي عضو اللجنة التنفيذية في حزب الاستقلال "نحن على استعداد للتشاور إذا تأكدت النتائج". وأضاف العلمي وهو الوزير المكلف تحديث القطاعات العامة داخل الحكومة الحالية "نهنئ حزب النهضة بعد هذه العملية الانتخابية لانها كانت فوزا للديموقراطية في بلدنا". ووفق الدستور الجديد الذي اقر في استفتاء في تموز/يوليو، يتعين على الملك الان اختيار رئيس الوزراء من الحزب الذي يحوز على اكبر عدد من مقاعد البرلمان، بدلا من تسمية من يشاء لرئاسة الوزراء. واقر عبد الاله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية انه سيتعين على حزبه وضع برنامج يرضى به شركاء يقبلون الائتلاف معه فضلا عن المجتمع الدولي حيث تعتمد البلاد بشكل كثيف على أموال السياحة والاستثمار التي ترد من الخارج. وقال في حديث تلفزيوني ان حزبه "منفتح على الجميع" في ما يتعلق بتشكيل تحالفات، مضيفا انه مستعد لتشكيل ائتلاف حكومي للدفاع عن "الديموقراطية" و"الحكم الرشيد". وأضاف "نحن ملزمون بإعادة النظر في البرنامج لنتفق على برنامج مشترك، لكن الامر الاساسي في برنامجنا وبرنامج من سيحكمون معنا يقوم على محورين هما الديمقراطية والحكم الرشيد". وتابع "ما يمكنني ان اعد به المغربيين اليوم هو اني سأحاول انا والفريق الذي سيعمل معي، ان نكون اكثر جدية وعقلانية"، واعدا بأنه "من الان فصاعدا سيشعر المغربيين ان الدولة في خدمتهم وليس العكس.. وهذا امر مهم جدا بالنسبة إلينا". واكد بن كيران ان "المغربيين يحرصون على نظامهم الملكي لكنهم يريدونه ان يتطور معهم". وأضاف "لقد أصبح لدينا دستور جديد يعطي صلاحيات اكبر للحكومة ورئيسها، ألان يتعين العمل مباشرة مع جلالة" الملك. يذكر ان الحزب زاد تدريجيا من نصيبه الانتخابي في المغرب الذي ينظر اليه باعتباره احد اكثر البلدان استقرار في المنطقة. فبعد فوزه بثمانية مقاعد في العام 1997، تصاعدت شعبيته حيث حصل على 42 مقعدا في انتخابات 2002، وهي اول انتخابات تجرى بعد تولي الملك محمد السادس الحكم. ثم زاد الحزب من نصيبه في 2007 حين جرت الانتخابات السابقة حيث حل ثانيا مع 47 مقعدا. وفي البداية ركز الحزب على قضايا اجتماعية مثل معارضته للمهرجانات الموسيقية الصيفية وبيع المشروبات الكحولية، وتحول بعد ذلك إلى قضايا تروق لشريحة واسعة من الناخبين مثل الحملة على الفساد والبطالة المرتفعة في البلاد، فيما يرى عدد من المغربيين ان الحزب يمارس خطابا سياسيا مزدوجاً يخفي اجندة "دينية" أسوة بالأحزاب الإسلامية الأخرى. وخلال الحملة الحالية وعد الحزب بخفض الفقر إلى النصف وزيادة الحد الادنى للدخل بنسبة 50 بالمائة. وأعلن بن كيران، انه عازم على "تعزيز" العلاقات مع الدول الغربية التي دعاها الى عدم التخوف من توجهات الحزب الذي يتزعمه. وردا على سؤال حول المخاوف المحتملة لدى دول الغرب من تقدم حزبه اجاب بن كيران "لا داعي للمخاوف، ومع حزب العدالة والتنمية لا مجال ابدا للمفاجآت. سنعزز العلاقات مع الغرب". وتابع "نحن لسنا بحاجة لطمأنة الغرب فهو مطمئن اصلا. ولا مخاوف". وكان مراقبون أوروبيون اعلنوا السبت ان الانتخابات التشريعية في المغرب جرت في ظروف مشجعة، لكنهم طلبوا من السلطات اجراء تحقيق حول بعض حالات "الضغوط" التي تم تسجيلها. واعلن المراقبون امام الصحافيين انهم تبلغوا بحصول "ضغوط على اشخاص دعوا الى مقاطعة التصويت" وخصوصا حركة 20 فبراير التي تطالب منذ اشهر باصلاحات سياسية. وقال المراقبون الخمسة عشر الذين ارسلتهم الجمعية البرلمانية في مجلس اوروبا "نطلب من السلطات المغربية توضيح هذه المزاعم وابلاغ الراي العام بنتائج ذلك".