هواجس نسبية تسود الأوساط المغربية الرسمية بعد إعلان الفوز التاريخي لليسار الفرنسي وللمرة الأولى منذ أكثر من خمسين عاما بالغالبية المطلقة في مجلس الشيوخ، حسب ما انتهت إليه انتخابات الأحد الماضي، بما يعزز آماله في الفوز على الرئيس نيكولا ساركوزي في الانتخابات الرئاسية عام 2012 بعد سبعة أشهر بالتحديد. ولعل مرد هذه الهواجس، حسب متابعة "أندلس برس"، أن العلاقات الاستراتيجية بين المغرب وفرنسا، كانت متينة أكثر على عهد رؤساء ينتمون إلى الأحزاب اليمينية، وفي مقدمتهم العلاقة مع الرئيس السابق جاك شيراك، الذي تعود الرأي العام في فرنسا والمغرب على متابعة أخباره على رأس كل سنة ميلادية، فقط بالمغرب، حيث يقيم دوما في هذه الحقبة من السنة. ولا تختلف الأمور كثيرا مع الرئيس الحالي، نيكولا ساركوزي، الذي وقعت فرنسا على عهده، مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية ذات البعد الاستراتيجي لفرنسا والمغرب على حد سواء، وفي مقدمتها الاتفاقيات الخاصة بصفقات "الترامواي" بكل من الرباط والدار البيضاء، ومعها اتفاقية تشييد الخط السككي الخاص بالقطار فائق السرعة (TGV) المعطيات المتوفرة لدى "أندلس برس" تفيد أنه لا علاقة بالصعود اليساري الفرنسي الملفت بأي دور للاشتراكيين واليساريين المغاربة في توطيد العلاقات الاستراتيجية، وذلك لاعتبارات عدة، أقلها أن أحزاب اليسار في المغرب، بما فيها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تكاد تكون أحزاب إدارية، لا تختلف مع باقي الأحزاب اليمينية إلا في طبيعة الشعارات، وأهم هذه الأسباب، أن ملف الخارجية ظل حكرا وخاصة بالمؤسسة الملكية، وثمة شبه إجماع مغربي، عند الرأي العام، وحتى في كواليس النخب السياسية والاقتصادية، بأن يبقى كذلك، على غرار ملفات الدفاع الوطني وملف تدبير الشأن الديني، بحكم أنها ملفات حساسة، ولا تحتمل تركها بين أيدي المزايدات السياسية والحزبية والإيديولوجية. وبحكم أن مارتين أوبري، عمد مدينة ليل (شمال فرنسا)، القيادية اليسارية في "الحزب الاشتراكي" تبقى من أكثر المرشحين للظفر بمنصب كرسي الرئاسة الفرنسية، في حال فوزها بالانتخابات الداخلية للاشتراكي الفرنسي، فقد تشفع مبادرات بعض الأسماء المغربية التي تشتغل في قطاع "الدبلوماسية الأمنية" بالخارج، لأن تزكي دوبريه تغذي العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، بحكم أن بعض هذه المبادرات التي تمت خلال السنين الأخيرة (العام الماضي مثلا)، انتهت بزيارة رسمية قامت بها عمدة ليل إلى مدينة وجدة، وإشرافها على توقيع اتفاقيات شراكة، ساهم في هندستها، محمد بشاري، مدير معهد بن سينا للدراسات الإنسانية، ومقره ليل، وهو أيضا، رئيس الفيدرالية العامة لمسلمي فرنسا.