قالت صحيفة نيويورك تايمز إن الربيع العربي قدم فرصا للدبلوماسية الأميركية، لكن هذه الفرص مصحوبة بتحديات وسيناريوهات سيئة لم يتخيلها البيت الأبيض. وتساءلت الصحيفة قائلة "ماذا لو واصل الفلسطينيون سعيهم للاعتراف بدولتهم في الأممالمتحدة، رغم رفض واشنطن؟ فهذا يضع إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية، أو يوقد أعمق مشاعر الاستياء من الولاياتالمتحدة، كما يثير عنفا جديدا في الضفة الغربية كما تساءلت قائلة "ماذا لو أن مصر التي خرجت من عقود من الحكم الدكتاتوري للرئيس حسني مبارك، تستجيب للمشاعر المعادية لإسرائيل في الشارع وألغت معاهدة كامب ديفد التي ظلت حصن سلام الشرق الأوسط مدة ثلاثة عقود؟ وأشارت الصحيفة إلى تصريح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي قالت "نحن نواجه يقظة عربية لم يتخيلها أحد قبل سنوات قليلة فقط"، وأضافت في اللقاء الذي جمعها بمحرري الصحيفة "هذه التطورات تنسف الكثير من المفاهيم السابقة". وأضافت الصحيفة أن هذه التغييرات تعرقل أو على الأقل تقلل من النفوذ الأميركي في المنطقة، فالرئيس الفلسطيني يسعى لعضوية كاملة في الأممالمتحدة وسط صد محموم من الدبلوماسية الأميركية، وجاء تحركه وسط تدهور سريع في العلاقات بين مصر وإسرائيل، وبين إسرائيل وتركيا، وهذه الأطراف الثلاثة كانت أقوى حلفاء واشنطن في المنطقة. وقالت الصحيفة إن الدبلوماسية لم تكن سهلة في الشرق الأوسط أبدا، ولكن الأحداث الأخيرة في المنطقة أثارت مخاوف الولاياتالمتحدة من أنها قد تكون مجبرة على اختيار موقف دبلوماسي مع أحد أصدقائها، أو في الحال الأسوأ حدوث النزاعات العسكرية بين هؤلاء الأصدقاء. فهناك نتائج افتراضية مرعبة حاليا. فماذا سيحدث لو أن تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي والتي تلتزم الولاياتالمتحدة بالدفاع عنها بموجب معاهدة الحلف، أرسلت سفنا حربية لمرافقة السفن إلى غزة في تحد للحصار الإسرائيلي، كما هدد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان؟ وقالت الصحيفة إن أحداثا مثل طرد السفير الإسرائيلي من أنقرة واقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة والمظاهرات المعادية أمام السفارة الإسرائيلية في عمّان، أشعلت وضعا طارئا وأجبرت إدارة أوباما على إعادة تقييم بعض الافتراضات الأساسية في السياسة الأميركية. ونقلت الصحيفة عن روبرت مالي -وهو محلل بالمجموعة الدولية للأزمات- قوله "أصبحت المنطقة غير متماسكة، وكل الأدوات التي كانت تتعامل بها أميركا في الماضي لم تعد صالحة اليوم". وقالت الصحيفة إن القادة الذين حافظوا على وضع ثابت استمر عقودا وهم مبارك في مصر والقذافي في ليبيا وزين العابدين في تونس، سقطوا وأدى سقوطهم إلى ظهور قوى لا يمكن التكهن بها حتى الآن. وأضافت الصحيفة أن بعض الدبلوماسيين يتخوفون من أن التعامل الأميركي مع الوضع الجديد قد يدفع الربيع العربي باتجاه التشدد إذا غضب مواطنو هذه الدول التي انتقلت إلى الديمقراطية حديثا. ففي حالة مصر، تقول الصحيفة إن إدارة أوباما وعدت القاهرة بملايين الدولارات في شكل مساعدات لدعم التحول الديمقراطي، لكنها واجهت رفضا من المجلس العسكري الحاكم في البلاد للتدخل في كيفية إنفاقها، وهذا وفقا لمسؤولين في البيت الأبيض، تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتيهما. وحذر المسؤولان من ظهور حكومة معادية تهيمن عليها جماعة الإخوان المسلمين وفلول حزب مبارك. وعادت الصحيفة لتصريحات كلينتون التي قالت إن إدارة أوباما تأمل أن تستطيع دعم التحول الديمقراطي في العالم العربي معترفة بالصعوبات الداخلية المتمثلة في أزمة الميزانية ودعوات الجمهوريين لوقف الدعم الخارجي خاصة للفلسطينيين. ونقلت الصحيفة عن روبرت دانين -وهو باحث بمركز واشنطن للعلاقات الخارجية- قوله "الأمور مائعة، والإدارة لا تقود المسار بل هي تتفاعل معه، ولا أحد يعرف وجهته".