بدأت اسبانيا تتحول تدريجيا في أعين المجتمع المدني والسياسي المغربي إلى العدو الذي يناهض ويعرقل الوحدة الترابية واقتصادها، وبدأت أعمال احتجاجية تترجم هذه الرؤية والغضب الذي يرافقها ومن ضمنها تظاهرات ضد السفارات الإسبانية في الخارج والداخل وإقدام ناشطين على قطع الماء عن مدينة مليلية التي تتزود به انطلاقا من الأراضي المغربية. وهكذا، ففي أعقاب قرار مجلسي النواب والشيوخ وقرار الحكومة الأسبوع الماضي بإعادة النظر في مجمل العلاقات المغربية الإسبانية، السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، جاء دور المجتمع المدني. فقد أقدم نشطاء من المدينة الصغيرة بني أنصار المحاذية لمدينة مليلية المحتلة شمال المغرب، يتزعمهم رئيس هذه البلدية، يحيى يحيى على قطع الماء عن مليلية، وتتوصل هذه الأخيرة بجزء من مياهها التي تستهلكها من الأراضي المغربية. وفي الوقت ذاته، أعلنت ‘اللجنة الوطنية لتحرير سبتة ومليلية والجزر الجعفرية' عن إجراء مماثل مستقبلا ينص على قطع الماء عن مدينة سبتةالمحتلة، حيث تتوصل بجزء من مياهها من الأراضي المغربية كذلك. ويذكر أن مدينتي سبتة ومليلية تتواجدان شمال المغرب وتحتلهما اسبانيا منذ مدة طويلة، ويقوم اقتصادهما على التهريب نحو المدن المغربية. ويعتبر قطع الماء عن مليلية بمثابة إجراء سياسي ذي رمزية قوية قد يترتب عنه توتر حقيقي، لا سيما وأن رئيس حكومة الحكم الذاتي في مليلية خوسي إمبرودا صرح الأحد أن اسبانيا ستعمل سياسيا وقضائيا ودبلوماسيا على استعادة منابع المياه التي قام رئيس مدينة بني أنصار بوقفها. وتابع أن مليلية حققت اكتفاء مائيا منذ مدة، حيث أصبح 95′ من الماء المستعمل من أراضي مليلية. لكن أوساطا مغربية تشكك في هذه النسبة، إذ لو كانت المدينة قد حققت اكتفاء مائيا يقدر ب 95′ لما أقدم رئيس الحكم الذاتي على التهديد والاحتجاج. ودائما في إطار الإجراءات الاحتجاجية التي تتعدد وتتنوع ضد اسبانيا، قام مهاجرون مغاربة في كل من الولاياتالمتحدة وكندا بالتظاهر أمام السفارة الإسبانية في البلدين خلال نهاية الأسبوع الماضي منددين بقرار البرلمان الإسباني الصادر الخميس الماضي الذي يشجب العنف في مخيم العيون في الصحراء الغربية وتحميل المغرب المسؤولية وكذلك التنديد بالتغليط الذي مارسته الصحافة الإسبانية ضد المغرب في ملف الصحراء. وكان المهاجرون المغاربة يتظاهرون في الماضي ضد السفارات الجزائرية في دول الاتحاد الأوروبي وشمال أمريكا للتنديد بمواقف الجزائر في نزاع الصحراء، وهو الموقف المنحاز والمدعم للبوليزاريو، والآن انتقلت التظاهرات ضد اسبانيا. وتراقب مدريد بقلق ارتفاع مشاعر الرفض لكل ما هو اسباني في المغرب، وحذّرت الصحف من تفشي هذه الظاهرة المقلقة، لكن دون الوقوف على الأسباب الحقيقية من الناحية السوسيولوجية، وتحاول دائما أن تبرر ذلك بأن السلطات المغربية هي التي تخطط لكل هذا. * القدس العربي