بعد أن استعرض التجربة المغربية في مجال مكافحة الإرهاب لباحثين وأمنيين هولنديين من مستوى رفيع قبل أيام، عاد عبدالحق الخيام مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية (البسيج)، لعرض المقاربة المغربية في مجال محاربة الإرهاب والتطرّف العنيف أمام وفد عن الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن، والتعاون بأوروبا ومجموعة من السفراء الأجانب، وذلك في ندوة احتضنها مجلس المستشارين، أمس الجمعة، وتمحورت حول تقديم المقاربة المغربية في محاربة التطرّف، والاستراتيجية الكفيلة بالحد من استقطاب المنظمات الإرهابية للشباب، وقد تم تنظيمها بشراكة بين مجلس المستشارين المغربي، والجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن و التعاون بأوروبا . الخيام أكد خلال عرض قدمه على أن المغرب تبنى "استراتيجية مندمجة وشاملة، لم تقتصر فقط على المقاربة الأمنية، بل شملت تبني سياسيات اجتماعية واقتصادية، وأخرى تهم تدبير الحقل الديني"، وهي السياسة التي "مكنته من أن يصبح مرجعا نموذجيا في محاربة الإرهاب"، وفق تعبير الخيام الذي عاد في عرضه إلى تاريخ ظهور التنظيمات الإرهابية بالمغرب، حيث قال إن الاستثناء المغربي في مجال الإرهاب لم يتكسر إلا سنة 2002 حين تم تفكيك خلية إرهابية موالية لتنظيم القاعدة، كانت تستهدف الحلف الأطلسي بمضيق جبل طارق، وتفكيك عصابة أخرى في نفس السنة بقيادة سلفيين، إلى أن أتت 2003 حيث لأول مرة سيشهد المغرب هجمات إرهابية عاشتها مدينة الدارالبيضاء في تفجيرات 16 ماي . المقاربة الأمنية الاستباقية التي أكد عليها الخيام، جعلت المغرب يتمكن من إجهاض 1332 مشروعا إرهابيا و تفكيك 176 خلية إرهابية منذ سنة 2002، مشيرا إلى أن الخطر الإرهابي لازال قائما بسبب الاهتمام الذي كان يوليه تنظيم القاعدة لمنطقة الساحل كفضاء عملياتي مستقبلي، وخاصة بعد أن أصبحت ليبيا مركز استقطاب للمتطرفين في المنطقة بعد أن ضاق عليهم الخناق بسوريا والعراق، وأيضا بروز ما أسماه "فاعلين إرهابيين في الانتظار"، وكانت الساحة السورية العراقية، حسب الخيام، قد استقبلت 1664 مقاتلا مغربيا، 929 منهم ينشطون بتنظيم داعش و 50 بحركة " فتح الشام"، وهي ما كان يعرف سابقا ب"جبهة النصرة "، هذه الأرقام عن أعداد المقاتلين يقول الخيام، إن 566 منهم قتلوا خلال المعركة مع الجيش النظامي السوري، وخلال عمليات انتحارية، وبأن 221 أعيدوا إلى لمغرب، قائلا أن الوضع في سوريا أدى لانخفاض المتطوعين الجهاديين نحو تلك المنطقة. حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين أكد أن الندوة تأتي سياق مواصلة المجهود الجماعي للتفكير في أنجع السبل لتطويق هذه " الظاهرة المقيتة"، وأيضا في سياق تواجه فيه دول المنطقة تحديات مشتركة، والمتعلقة بقضايا المقاربات الشاملة والمندمجة في مجال مكافحة الإرهاب على ضوء التطور المقلق لبعض الظواهر، كظاهرة المقاتلين الأجانب والتحدي الأمني الذي تطرحه على دول المنطقة، مشيرا إلى مجلسي البرلمان المغربي، واللذان يتقاسمان تمام التقاسم الأولويات والإطار المنهجي للسياسات الوطنية والإقليمية والشاملة لمكافحة الإرهاب، كما وردت في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.