هل تذكر قصة الثعلبين اللذين اختلفا في بيضة فحكما بينهما القرد، ففتحها وأكل ما فيها ثم أعطاهما القشرة الفارغة المقسومة نصفين فتقاتلا أي نصف أكبر؟ فهذه حال سياسيي العرب مع الأمريكيين أو الإسرائيليين أو العسكر، حسب البلد المعنى. هل تذكر الملك ليري الذي وزع ملكه على ابنتيه الكبيرتين المنافقتين المتنافستين، لأنهما خدعتاه بمعسول الكلام، وطرد ابنته الصغرى الصادقة، فانتهى به الأمر مطرودا من ابنتيه الكبريين، تتفقان على طرده وتختلفان على كل شيء آخر، حتى تقتل إحداهما الأخرى؟ هل تذكر المشهد الأخير في المسرحية، حين ينحني الملك باكيا على جثة ابنته الصغرى، التي هرعت لإنقاذه ويصب اللعنات على ابنتيه وعلى حمقه في ائتمانه إياهما؟ فهذه حال شعوبنا مع سياسييها ثم مع شبابها وشهدائها. هل تذكر ذلك الفتى الذي يذكره الطبري في وقعة الجمل، الذي سار بين الجيشين معلقا مصحفا في عنقه، يناشد الناس في دمائهم أن يكفوا عن القتال فأتته السهام من الحزبين. هل تعلم أننا لا نعرف له اسما ولم تجعله طائفة إماما، على أن خلاص الأمة كان على الأرجح في اتباع رأيه ووقف القتال؟ فهذه حالك أنت. لمن تذهب؟ كلهم يريدونك، وكلهم لا يريدونك. إحدى قيادتَي الشعب الفلسطينى مستعدة أن تعطيك ما تريد، على أن تقبل بعملية السلام وتقرهم على اعترافهم أن عكا مدينة إسرائيلية، ليس لك ولا لأهلك فيها حق البتة، اللهم إلا إذا تفاوضوا لك على حق زيارتها سائحا في يوم من الأيام. القيادة الأخرى أيضا مستعدة أن تمنحك ما تريد، على أن تقرها على حقها في ملاحقة الفتيان في الشوارع، بتهمة أن ملابسهم غير مناسبة، وأن تقرها على خروجها من حلف إيراني يمنحها السلاح، إلى حلف، كان قائما وانهار، مصري قطري يمنحها وعودا بالمال دونه. أذكركم، بأن كل من يرفض الحل الوسط مع خصمه المحلي، يرضى بالحل الوسط مع خصمه الخارجي. العجز في الحالة الفلسطينية واضح. وأنصار الحل الأمني السوري عجزوا عن الرد على غارات إسرائيل على دمشق واللاذقية. وأبطال التفويض في مصر الذين يريدون تصفية الإخوان لم ينطقوا حين اخترقت إسرائيل الحدود المصرية وقتلت خمسة من مواطنيهم على أعينهم، بل انشغلوا، بنذالة مطلقة، ينفون أن تكون إسرائيل فعلت، وإسرائيل نفسها، يؤكد إعلامها ولا تنفي قيادتها العسكرية فعلتها. والإخوان المسلمون والسلفيون الذين كانوا يريدون استئصال النظام السوري والمقاومة اللبنانية وإيران والشيعة والصوفية والأقباط والعلمانيين وغراب البين ووعل الجبل، كانوا يؤجلون النظر في اتفاقية السلام مع إسرائيل، ويسكتون عن قصفها للسودان، وحربها في غزة، ويعتقلون نشطاء لا حول لهم ولا قوة، بينما هم يعينون المطيحين بهم وزراء، ويقسمون أن الداخلية كانت في القلب من ثورة 25 يناير ويشترون لها غازا ضربتهم به... كلهم شديد على أهله ضعيف على عدوه. ما إن لاح شبح السلطة حتى تكالب عليها الكل، فعادت من حيث أتت، أكلها القرد، وأعطى كلا منهم جزءا من القشرة. أيها الناس أراني وحدي، فهل من رفاق؟