فيديو: سهيل المغاني في خطوة مفاجئة، خرج زعيم حزب "الأصالة والمعاصرة"، إلياس العماري، ليعلن في اجتماع مع المكتب السياسي لحزبه، مساء أول أمس الإثنين، "استقالته" من الحزب، مخلفا وراءه موجة من التحليلات والتساؤلات. إلياس العماري، في إعلان "استقالته" استند إلى أمرين : الأول، مفاده انه "قرار جاء بعد اطلاعه، على تقارير لجنة تقييم تسع سنوات من عمر الحزب وعشر سنوات من عمر حركة لكل الديمقراطيين"، والتي وصفها ب"غير المرضية". الثاني، يفيد التفاعل مع خطاب العرش الأخير، الذي وجه فيه الجالس على العرش وابل من الانتقادات للطبقة السياسية المدبرة للشأن العام، وهو ما يسعى معه زعيم حزب "الجرار"، التفاعل من جهة، وإحراج حكومة سعد الدين العثماني، التي حملها غير ما مرة مسؤولية "عجز" تنميته لقرى ومناطق الريف، من موقعه رئيسا لجهة الشمال. لكن كلا التبريرين، لم ينطليا على مراقبين عن كثب للخطاب السياسي لزعيم "البام"، فبين من قرأ في إعلان بداية "تخليه" عن مشروع /تجربة اسمها "حزب الأصالة والمعاصرة"، التي فشلت في أكبر رهان ملقى على عاتقها منذ 2009، كما رأى البعض الآخر أن إعلان "الاستقالة" مجرد إشارة في مستهل مخطط كبير خلال المرحلة المقبلة، تسعى فيه أطراف داخل الدولة إلى "إعادة الانتشار" و"التخندق" بالمشهد السياسي. وبذلك يظل التساؤل قائما حول ما وراء الأكمة؟ وما الذي تخفيه "استقالة" الرجل الأول في ثاني أكبر حزب في برلمان المملكة، والذي ظلت تلاحقه شكوك حول صلته بمؤسس الحزب، وصديق ومستشار الملك، فؤاد عالي الهمة؟ إعادة التخندق يذهب كثير ممن تابعوا بلاغ المكتب السياسي لحزب "الأصالة والمعاصرة"، أول أمس، وكلام أمينه العام صباح أمس، إلى حد اعتبار "الاستقالة" مجرد "سعي لإعادة التخندق" خارج تجربة حزب "الأصالة والمعاصرة"، في مواقع جديدة داخل المشهد السياسي. عبد الرحيم العلام، محلل وباحث في العلوم السياسية، رجح في حديث مع "اليوم24″، هذا السيناريو، إلى جانب آخر أكثر واقعية، مفاده أن الرجل الأول في "البام"، بدأ يحس ان الدولة "لم تعد في حاجة إلى خدمات حزبه، ما دامت قد اتجهت صوب الدفع بحزب أخنوش إلى الأمام ومحاصرة خط البيجيدي داخل مؤسسات الدولة". الأمر الذي دفع بالعماري، حسب العلام، إلى استغلال هذه الظرفية وإعلان "الاستقالة"، من الحزب، كألية أيضا لإحراج حكومة العثماني. هل يربح العماري من استقالته؟ ظل هذا التساؤل بين ثنايا وابل الأخبار التي تناقلتها الصحافة حول "استقالة" العماري، وحول ما سيجنيه العماري من أرباح سياسية وحتى شخصية لو "وافق" برلمان حزبه، على استقالته؟ في حديثه مع "اليوم24″، قال عبد الرحيم العلام، ان إلياس العماري لن يربح شيئا في حالة ما كان إعلان استقالته، مجرد مناورة، لإحراج "المتشبثين" بزعامة أحزابهم، مثل عبد الإله بنكيران، وحميد شباط، وأمحند العنصر، يورد العلام. لكن، سيجني منها أرباح شخصية، في حالة ما كان "مصمما" على الاستقالة، وهنا حسب العلام، يُظهر العماري طموحه في "إعادة التخندق" في موقع جديد في الساحة السياسية، بعيدا عن أسوار "البام". على اعتبار وجود قاعدة من الساسيين، الذين يتفقون مع العماري كشخص، لكن ليس في موقع حزب "الأصالة والمعاصرة". الانسجام مع المرحلة الجديدة وبعيدا عن نوايا زعيم حزب "البام"، التي يضمرها خلف إعلان "استقالته"، يجري هذا الحدث في سياق سياسي خاص، توضح أكثر مع خطاب العرش الأخير، الذي قرأ فيه بعض المراقبين انه إعلان مرحلة جديدة عنوانها "التخلي عن الأحزاب السياسية"، وفسح المجال للثلاثي :"التكنوقراط، رجال الأعمال والأمن". حسن طارق في مقال تحليلي، خص به "اليوم24″، ذهب بعيدا في تحليل الوضع الحاصل منذ مستهل تطورات حراك الريف. وقال ان منطق الدولة، يعتقد ان أزمة البلاد، هي "أزمة أحزاب سياسية"و المؤكد -ضمن نفس المنطق- أن زمن الإصلاح الحزبي "لا يطابق زمن الإصلاح المستعجل، لأوراش الإدارة والإصلاحات السياسية الإجتماعية، وهو ما يعني أن الإصلاح عند الدولة، غدا سيكون إصلاحا بلا أحزاب ولا سياسة. وأضاف في تحليل تطورات ما بعد الخطاب :"طبعا لا أحد إستقال.. الأحزاب ثمنت في مشهد ساخر، شهادة إدانتها.. والحكومة عوض تقديم إستقالتها بقليل كرامة، لجأت الى أغبى حل للتخلص من المشاكل :اللجان والمزيد من اللجان.. والدولة فوضت إلى وزارة الداخلية خطة "التصحيح" وإستراتيجية تفعيل مضامين الخطاب،تاركة رئيس الحكومة يتحدث -في الوقت الميت- بإنبهار عن ضرورة التنسيق بين القطاعات..". وزاد في معرض المقال ان في الخطاب الملكي، دلائل واضحة على أن للدولة تقييما مكتملا للعهد الجديد، و رؤية للمرحلة القادمة، ومن ذلك أن اللحظة تقتضي "ملكية" أكثر، و"حزبية" أقل. وبذلك، يبقى التساؤل حول ما إن كانت استقالة العماري، تندرج في هذا السياق، أي توجه الدولة إلى مرحلة جديدة لا تحتاجه فيها كأمين عام لحزب "الأصالة والمعاصرة"، بل في موقع آخر، أو التخلص منه كليا؟ استقالة في "وقت ميت" توقيت إعلان العماري استقالته من قيادة حزب "الجرار"، طرح كثير من الأسئلة حول سبب إعلانها في هذا الوقت بالضبط دون غيره، على الرغم من توفر الشروط السياسية لذلك. عبد الوهاب العلالي، أستاذ جامعي في الاتصال السياسي، قال ل"اليوم24″، ان إعلان العماري لقراره بالاستقالة، كان سيكون له "معنى وقيمة"، لدى الرأي العام، لو تم في الظرفية السياسية التي عقبت نتائج انتخابات السابع من أكتوبر من السنة الماضية. وأفاد خبير الاتصال السياسي، ان الغاية التي قد تكون من وراء هذا الإعلان، تطرح سؤال حول ما إن كانت خطوة متقدمة لتأهيل المشهد السياسي بعد تعثر مشروعه، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد عملية تصويت سياسي؟ وفي هذه الحالة يقول العلالي، ان فعالية الخطوة لن تذهب بعيدا. عموما.. تظل كل هذه السيناريوهات منطقية وواقع أمر لا يبتعد كثيرا عن أبجديات اللعبة السياسية القائمة في المغرب، الأيام القليلة المقبلة، كفيلة بتأكيد مدى حقيقتها..