"اليوم، بعد رفض معارضة مجلس جهة كلميم واد نون؛ للاتفاقيات التي كانت قد وُقعت أمام جلالة الملك وبحضور جميع أعضاء الحكومة وجميع منتخبي الجهات الثلاث، والتي تهدف إلى خلق تنمية حقيقية، تُرى ما هي الرسالة التي تريد معارضة مجلس جهة كلميم بعثها لسكان الريف؟ هل إنه لا مصداقية ولا جدية ولا ضمانات للوعود التي تقدم لسكان الحسيمة بخصوص الاتفاقيات التي ستوقع لتنمية الريف؛ والدليل اتفاقيات وقعت أمام جلالة الملك لتنمية الصحراء تُرفض من طرف بعض المنتخبين؛ ولا يمكن أن ترى النور؟؟؟ حذارِ من إشعال الفتنة". هذه تدوينة كتبها إبراهيم بوليد، رئيس المجلس الإقليمي لسيدي إفني، من الاتحاد الاشتراكي، تعليقا على رفض المعارضة التي يقودها عبدالوهاب بلفقيه، من الاتحاد الاشتراكي أيضا، ضد رئيس الجهة عبدالرحيم بن بوعيدة، من التجمع الوطني للأحرار! من يضمن كلمة الملك للريفيين؟ يتساءل الاتحادي بوليد وهو يرى المعارضة التي يقودها حزبه ترفض اتفاقيات وقعت أمام الملك في فبراير من السنة الماضية، بالعيون والداخلة، تخص إنجاز الطريق السريع بين تيزنيت والعيون، وبناء مستشفى جهوي بكلميم، بل ترفض حتى اتفاقية شراكة مع جمعية خليجية لن تكلف المجلس شيئا… في دورة استثنائية اختتمها رئيس الجهة عبدالرحيم بن بوعيدة، أول أمس الثلاثاء، ببرقية إلى الملك، يتهم فيها المعارضة بعرقلة المشاريع الملكية. بصرف النظر عن مبررات المعارضة لرفض هذه المشاريع الملكية، وبصرف النظر، أيضا، عن اتهامات الأغلبية، التي لا أغلبية لها، لمستشاري المعارضة بالسعي وراء تحقيق مصالح وامتيازات شخصية من تلك المشاريع المرفوضة، وخصوصا الاستفادة من تحديد مسار الطريق السيار، بل والذهاب إلى حد القول إن زعيم المعارضة بلفقيه ينتقم من غريمه ابن بوعيدة لأن أخنوش وعده بالاستوزار وأخلف وعده له… بصرف النظر عن كل ذلك، نحن الآن أمام تجل واضح من تجليات اختلال الجهوية المتقدمة، المفروض فيها أن تقوم على اللامركزية الإدارية، وعلى منح الجهة اختصاصات إدارية واسعة، وهو اختلال يبدأ من الفاعل السياسي نفسه الذي أصبح ينقل مشاكله الحزبية من المركز إلى الجهة، (حالة بلفقيه المعارض لإدريس لشكر وبوليد الموالي له، بدلا من أن يتم نقل التوافق القائم حد التطابق بين لشكر وأخنوش في الحكومة، إلى الجهة). وصولا إلى التدخل الملكي في العملية التنموية والتدبير الجماعي، وعلاقة ذلك بربط المسؤولية بالمحاسبة. وهنا نتساءل: هل يمنع إشراف الملك على مشاريع بعينها المعارضة من مناقشة تلك المشاريع والمطالبة بتعديلها، بل وحتى رفضها مادامت مطروحة على دورة المجلس للمناقشة والتصويت بالقبول والرفض؟ إن السؤال الذي طرحه رئيس المجلس الإقليمي لسيدي إفني في تدوينته، حول مدى مصداقية وجدية وضمانات الوعود التي تقدم لسكان الحسيمة بخصوص الاتفاقيات التي ستوقع لتنمية الريف، بضمانات ملكية، يرتبط أساسا بمصداقية الوسيط السياسي المفترض فيه تنفيذ هذه المشاريع وإخراج تلك الوعود. ذلك الوسيط الذي يتم إضعافه، يوميا، بطرق وأساليب ممنهجة، لعل آخرها الصفعة التي تلقاها سعد الدين العثماني من وزير داخليته الذي أخرجه للتنديد بحَراك الحسيمة، قبل أن ينهال عليه الشارع بصفعات لم تتوقف إلى الآن. ما يجب أن تفهمه الدولة، هو أن تكتيك تقديم الحكومة والأحزاب كقربان وتوجيه الغضب الشعبي نحوها، قد ينفع مؤقتا، لكنه استراتيجيا يضر حتى المؤسسة الملكية. احترام حكومة الملك من احترام الملك. ووحدها حكومة قوية ومنسجمة بمقدورها ضمان تنفيذ المشاريع وإخراج الوعود والمحاسبة عليها أمام الريفيين وغيرهم، مادام أن الملك لا يحاسب. هذا طبعا في انتظار تحقيق "مملكة الجهات" بتعبير رئيس المجلس البلدي للحسيمة، محمد بودرا، عبر إقرار جهوية موسعة ببرلمان وأحزاب جهوية حقيقية.