تفاعلا مع الرسالة الملكية التي كلّف من خلالها الملك محمد السادس وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، بوضع خطة وطنية للتصدي لعمليات السطو على ملك الغير، خرجت جمعية السطو على الممتلكات، أمس، في ندوة صحفية لتفضح من خلال عشرات الحالات، ما وصفته ب"عصابات منظمة، لها دراية بالقانون، تستولي على عقارات وممتلكات الغير بواسطة وثائق مزورة". محمد متزكي، رئيس الجمعية، قدّم خلال الندوة أمام الصحافيين حالات مواطنين فقدوا ممتلكاتهم بين عشية وضحاها، أغلبهم مغاربة الخارج، بينهم من فقد مسكنا ظل يقطن به لعقود متتالية، ومن فقد أراض فلاحية ورثها عن والده، بل إن رئيس الجمعية نفسه الذي يتحرك في هذا الملف منذ 2005، فقد مشروعا استثماريا خاصا به بنفس الطرق والأساليب. وقال عمر الداودي، محام بهيئة الرباط، إن الأساليب التي استعملت في ثلاثة أقاليم، وهي تزنيت وكلميم وسيدي إفني، مختلفة، منها تزوير وثائق رسمية، أو تزوير الأختام، وتشكيل عصابات من شهود الزور. وكشف الداودي الذي ينوب عن مجموعة من المواطنين يتهمون رئيسا سابقا لجماعة سيدي حساين أوعلي، أنه استعمل كل هذه الأساليب، بحيث تبيّن أن عقود ملكية كتبت بواسطة الحاسوب، بينما تحمل تاريخا لم يكن يستعمل فيه الحاسوب أصلا. ويشتكي مواطنون هذه الأقاليم الثلاثة من الترامي على ممتلكاتهم الفلاحية خاصة، ويتهمون "الحسن الوزاني" المشهور ب"بوتزكيت"، هذا الأخير سبق وأن اعتقل وأدين بالسجن في قضية "إبا إجو" سنة 2014، وهي امرأة مسنة دخلت في اعتصام بعد امتناع القضاء عن تحريك شكايتها ضد الوزاني الذي تحول من حاكم جماعة، إلى أكبر تاجر عقارات في الأقاليم الثلاثة. وجاء اعتقاله بعد تضامن واسع للمجتمع المدني، الذي تبنّى قضيتها، التي انتهت بإثبات التهم الموجهة إليه، وهي تزوير عقود. لكن يبدو أن قضية "إبا إجو" مجرد جزء صغير في عالم مخيف، فخلال الندوة الصحافية قدمت شهادات لمغاربة المهجر، تفضح وجود عصابات منظمة ومنتشرة في أكثر من إقليم، من بين الشهادات تلك التي قدمتها الحاجة حدو فانيطو، وهي سيدة في عقدها السادس تقريبا، تحمل في يدها ملفا ضخما يحوي العديد من المستندات والوثائق، التي تؤكد ملكيتها ل"الفيلا" التي تقطنها وزوجها منذ السبعينات، لكن في سنة 2008 فوجئت بشخصين يدقان الباب ويدعيان أن "الفيلا" في ملكيتهما، وفوق ذلك معهما قرار مدني بالإفراغ. "كبلوني أنا وزوجي وأولادي، ثم أفرغوا المنزل مما فيه، وتم رمينا خارجا دون مأوى". حالة فانيطو لا تختلف كثيرا عن حالة ياسمينة بنّيس التي ورثت عن والدها شقة اشتراها في الدارالبيضاء سنة 1959، ولا زالت تحمل عقد الملكية الأصلي بين يديها، لكن لأنها وحيدة وتزوجت وسكنت مع زوجها، اقتنص من له مصلحة الفرصة، وفي سنة 2005، فوجئت أن الشقة أصبحت في ملكية قاض من قضاة الدارالبيضاء، الذي أصدر هو نفسه أحكاما أخرى بالإفراغ على آخرين، حتى حرّر العمارة كاملة لنفسه، تقول بنّيس إن "القاضي معروف، وضحاياه كثر، ولا يمكن بعد الرسالة الملكية ألا يعتقل". حالة ثالثة تتعلق بنجاة عكراش، مواطنة مقيمة في فرنسا، اشترت سنة 2002 شقة في الدارالبيضاء، وأخذت قرضا أدته على ثماني سنوات، لكن في سنة 2013 دق بابها شخص تركي ادعى أن الشقة باتت في ملكيته، وأن العقود التي يتوفر عليها صحيحة، وأن عكراش نفسها باعت الشقة، والدليل على ذلك توقيعها. "طلبتُ إجراء خبرة طبية على التوقيع، رفضوا، ثم أجبروني بالقوة على إفراغ الشقة رفقة أولادي". ثمة حالة أخرى لعائلة ورثة الحسوني التي تقيم في كندا، ترك لهم والدهم مساحات فلاحية كان قد اشتراها من ماله الخاص في بداية السبعينات في السعيدية ووجدة، لكن منذ سنة 2009، فوجئوا وهم بالخارج أن عقود الملكية قد زوّرت، بعد تزوير وكالات، ورغم الشكايات التي تقدموا بها إلا أن مصيرها كان التجاهل. وقال الحسوني "في وجدة وبركان والسعيدية، هناك عصابات وليست عصابة وحيدة، تضم محافظين وموثقين وقضاة ومحامين يتبادلون السطو فيما بينهم". الحالات الأخرى التي قدمت تتعلق أحيانا بدعاوى السطو على محلات تجارية، ويبدو أن أغلبها في مدينة الدارالبيضاء. أحد المتضررين قال ل"أخبار اليوم" "ليس هناك قانون في هذا البلد، عندما اشتكى اليهود المغاربة استمعوا لهم فورا وأنصفوهم، وحينما اشتكى الفرنسيون ممن لهم ممتلكات استمعوا لهم فورا وأنصفوهم، لكن لأننا مغاربة لا أحد يستمع لنا". ويعوّل المتضررون على التوجيهات الملكية الأخيرة لوزارة العدل والحريات، وعلى القضاء، من أجل التحرك لوضع حد لعملية السطو المنظم على عقارات وممتلكات المواطنين، سواء في الداخل أو الخارج.