عطلت الاحد في تونس أعمال المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) الذي شرع منذ الجمعة في المصادقة على دستور جديد للبلاد, إثر إعلان النائب المعارض منجي الرحوي صدور فتوى بقتله بعدما اتهمه حبيب اللوز النائب عن حركة النهضة الاسلامية الحاكمة بمعاداة الاسلام. ومنجي الرحوي قيادي في "الجبهة الشعبية" (ائتلاف لأكثر من 10 أحزاب يسارية) التي اغتال "تكفيريون" (حسب وزارة الداخلية) في 2013 اثنين من قيادييها هما شكري بلعيد ومحمد البراهمي. وقال مسؤول في وزارة الداخلية لوكالة فرانس برس ان الوزارة عززت منذ مساء السبت الحراسة الأمنية التي تخصصها لمنجي الرحوي نظرا لوجود تهديدات بتصفيته من قبل تكفيريين. والسبت قال حبيب اللوز المحسوب على الجناح المتشدد في حركة النهضة لاذاعة "صراحة اف ام" الخاصة المحسوبة على الحركة ان النائب "الرحوي معروف عداؤه للدين, (وهو) كفكر علماني يتوتر من أي كلمة إسلام, ويريد لو أن الدستور ليس فيه أي كلمة إسلام ولا دين". وأضاف "الشعب التونسي سوف يحدد موقفه من هؤلاء الناس". واعتبرت المعارضة ان الجزء الثاني من تصريح القيادي في حركة النهضة تضمن دعوة "مبطنة" لقتل الرحوي وهو أمر نفاه الحبيب اللوز. والاحد قال الرحوي أمام البرلمان "انا مهدد بالقتل وقد وقع الافتاء باغتيالي خلال 48 ساعة" بسبب "ما قيل أمس على لسان سيدنا الشيخ" في إشارة الى حبيب اللوز. وتابع ان زوجته وابنه غادرا المنزل خوفا من تعرضه الى هجوم من تكفيريين. وأضاف مخاطبا اللوز "أقول لك إني مسلم وأمي مسلمة وأبي مسلم وجدي مسلم من شعب مسلم (..) وهذا الشعب متأصل في هويته (الاسلامية) ولا يحتاج (إلى شهادة) منك أنت +شيخ الكذابين+ كما قالها الشهيد شكري بلعيد" الذي قتل بالرصاص في 6 شباط/فبراير 2013. وفي 2012 وصف شكري بلعيد الذي كان معارضا لنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي, الحبيب اللوز بانه "شيخ الكذابين" وذلك بعدما اتهمه الاخير في تصريحات أدلى بها لاذاعة "موزاييك إف إم" الخاصة بأنه "كان عميلا للأمن" التونسي في عهد بن علي. وتبرأت حركة النهضة من تصريحات نائبها وقالت في بيان الاحد ان "ما صدر عن عضو الكتلة (البرلمانية للنهضة) حبيب اللوز في حق النائب منجي الرحوي لا يعبر عن موقف الحركة ولا تقره بأي وجه". وحاول حبيب اللوز التنصل من التصريحات التي أدلى بها للإذاعة وقال ان تكفير شخص ما ليس من مشمولاته بل من مشمولات "علماء" و"قضاة" الشريعة. لكنه قدم بعد ذلك "اعتذارا رسميا" إلى منجي الرحوي ولنواب المعارضة الذين شجبوا تصريحاته. وقال اللوز "إذا فهم من كلامي ما يسيء لزميلي ولأسرته وللإخوة أعضاء المجلس فانا أقدم اعتذاري رسميا للزميل وللجميع". وطالبت أحزاب المعارضة مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي باتخاذ الاجراءات القانونية المنصوص عليها في النظام الداخلي للمجلس ضد حبيب اللوز وبرفع الحصانة عنه تمهيدا لملاحقته قضائيا. وتعهد بن جعفر بأن يتخذ مكتب المجلس التأسيسي الاجراءات المستوجبة طبقا للقانون الداخلي للمجلس. وطالبت المعارضة باضافة نص الى دستور تونس يجرم "التكفير". وأعلن بن جعفر رفع الجلسة حتى تناقش الكتل البرلمانية الممثلة في المجلس التأسيسي هذا المطلب. والسبت تم التصويت في المجلس التأسيسي الذي تحظى فيه حركة النهضة بأغلبية المقاعد (90 من إجمالي 217) ضد مقترح بتضمين الدستور فصلا يقول "ت منع مطلقا كل اشكال التكفير والتحريض على الكراهية والعنف". واقترحت المعارضة الاحد اعادة النظر في هذا الفصل. وصادق المجلس التأسيسي يومي الجمعة والسبت على توطئة الدستور الجديد و15 فصلا منه. وفي مارس 2013 أثار الحبيب اللوز غضب المعارضة ومنظمات حقوقية في تونس التي تحظى فيها النساء بوضع حقوقي فريد من نوعه في العالم العربي, بسبب تصريح صحافي حول "ختان الإناث" أدلى به لجريدة "المغرب" اليومية التونسية. ونقلت الصحيفة وقتئذ عن اللوز قوله ان ختان الإناث, وهو ممارسة غير موجودة في تونس, "عملية تجميل للمرأة" وانه "غير صحيح أنه يذهب اللذة ومتعة المرأة (الجنسية)". واعتبرت منظمات نسوية ان اللوز قصد من هذه التصريحات الترويج لختان الإناث في تونس. ونفى اللوز عن نفسه هذه التهمة وقال ان الصحيفة "حرفت" كلامه و"أخرجته من سياقه". وعادة ما يتهم قياديون في حركة النهضة وسائل إعلام ب`"تحريف" تصريحاتهم و"إخراجها من سياقها", عندما يتعلق الأمر بتصريحات مثيرة للجدل, في حين تتهمهم المعارضة ووسائل إعلام ب`"ازدواجية الخطاب".