كما كان متوقعا، غاب توفيق احجيرة، عن أشغال المجلس الوطني لحزب الاستقلال، الذي انعقد، أمس السبت، مؤكدا بذلك حالة "الفرقة" التي يعيشها الميزان منذ مدة، وبالضبط منذ تراجع امينه العام حميد شباط عن قرار الاستقالة التي وعد بها قبل الانتخابات الجماعية، قبل أن يتراجع عن قراره. المعلومات المتوفرة، تشير إلى أن رئيس المجلس الوطني، الذي يغيب عن دورة المجلس للمرة الثانية، لازال مصرا على المقاطعة على الرغم من "تهديدات شباط له". وذكرت مصادر مطلعة لليوم 24 أن شباط وجه "رسائل تهديد مباشرة لاحجيرة، في حالة الغياب عن دورة المجلس الوطني"، مضيفة أنه "خلال أشغال اللجنة التنفيذية السابقة لانعقاد المجلس الوطني، وجه شباط سهامه صوب احجيرة، مهددا بفضح كل الغائبين والمقاطعين". اكثر من ذلك، توعد شباط، حسب مصادر من اللجنة التنفيذية "باتخاذ قرار في حق المقاطعين، بل وفضحهم وتصنيفهم ضمن تيار التحكم"، قائلا "انا عييت ما نصبر..والى ما جاوش غادي نقول بأن التحكم هو الذي منعهم". وتبعا لذلك، خلصت اللجنة التنفيذية للاستقلال الى تشكيل لجينة أوكلت إليها مهمة التواصل مع رئيس المجلس الوطني، وابلاغه بالرسالة، وكذا محاولة إقناعه بضرورة الحضور، وإلا "فإن شباط سيتكلم"! اللجينة ضمت كل من القيادي في الحزب حمدي ولد الرشيد، وَعَبَد القادر الكيحل، وآخرون، وعملت اللجنة على الاتصال باحجيرة من أجل ترتيب لقاء، ليلة انعقاد موعد المجلس الوطني، غير أن الأخير"كان في زيارة لوالدته التي تمر بوعكة صحية خارج الرباط، فاعتذر". وقالت مصادر مطلعة إن احجيرة نقل في مكالمة، استمرت زهاء نصف ساعة، مع الكيحل، ليلة انعقاد المجلس الوطني "غضبه العارم، خاصة بعد ما بلغه تهديد شباط في اللجنة التنفيذية". وأضافت المصادر ذاتها أن "احجيرة هدد بدوره بعدم الصمت، في حالة ما نفذ شباط وعيده وهاجمه في المجلس الوطني، قائلا "الى تجبدت ما غاديش نسكت". وزاد "انا اخترت الابتعاد لأن الأجواء في الحزب لم تعد على ما يرام، وفي نفس الوقت لم اطلق العنان للتصريحات والهرطقات الفارغة، لكن الى جبدني ما نسكتش ليه". ويبدو أن رسالة احجيرة وصلت، بحيث تفادى شباط الحديث عنه وعن كل الغائبين في دورة المجلس، واكتفى بتوجيه سهامه ضد من يسميها ب"قوى التحكم". الى ذلك، حسم حزب الاستقلال موقعه في خريطة ما بعد السابع من أكتوبر، معلنا طلاقه البائن مع البام، واصطفافه إلى جانب حزب العدالة والتنمية. هذا الخيار، بدأ "زعيم الاستقلال" في بعث إشاراته الأولى، مباشرة بعد الانتخابات الجماعية الأخيرة، التي عاش خلالها حزب علال الفاسي "انتكاسة" بعد ضربه في مواقعه الكبرى، ما جعله يرجع خطوة إلى الوراء، ويشكك في "سلامة" العملية الانتخابية. ومنذ ذلك الحين، تزحزح شباط عن مواقفه، وكان ذلك بإعلان، غير رسمي، للمساندة النقدية للحكومة، غير أن هذه "التحية" المفاجئة فيها حينها، لم يرد عليها الحزب القائد للائتلاف الحكومي بمثلها، فبقيت مجرد إشارة في مسار جديد لحزب الاستقلال بعد 7 شتنبر، تأكد، رسميا، بالبلاغ "الناري" الصادر عن المجلس الوطني، امس السبت، والذي أعلن فيه استقلال شباط طلاقه مع البام، واصطفافه إلى جانب حزب العدالة والتنمية.