لم تعد الزيادات في أسعار الحليب مقتصرة على شركة «سنطرال ليتيير» بل تعدتها إلى شركات أخرى تسوق هذا المنتوج الحيويي في المائدة المغربية، رغم الاحتجاجات المتزايدة على هذا الارتفاع في الأسعار. بعد أن انضافت الشركات المنتجة والموزعة لمادة الحليب إلى شركة «سنطرال ليتيير» إلى اعتماد زيادة جديدة في أسعار مادة الحليب، ارتفعت أصوات خافتة داخل جمعيات حماية المستهلك تدعو المغاربة إلى مقاطعة شراء هذه المادة الأساسية يومي 19 و20 غشت الجاري. فلم يكد يمر يوم واحد على إعلان شركة «سنطرال ليتيير» على رفع أسعار منتوجها من الحليب، والتي تراوحت ما بين 0.40 درهم و0.50 درهم للتر الواحد، حتى أعلنت تعاونية «كوباك» المنتجة لحليب «جودة»، بدورها عن رفع أسعار الحليب الذي تنتجه التعاونية بضواحي مدينة تارودانت، وذلك ابتداء من يوم الجمعة الماضي وبالزيادة نفسها. التعريفة الجديدة نقلت سعر نصف اللتر من الحليب المبستر إلى 3.50 دراهم، وهو السعر الذي شرعت الخميس الماضي في تطبيقه شركة «سنطرال ليتيير» قبل أن تنضاف إليهما شركة «جبال» . وهكذا انتقل سعر اللتر الواحد من الحليب كامل الدسم «UHT» إلى 9.00 دراهم، ولتر الحليب نصف دسم إلى 9.50، حيث أصبحت هذه الأسعار مفعّلة من قبل شركات إنتاج وتوزيع الحليب. ولمواجهة هذه الزيادة غير المتوقعة في أسعار المادة الأساسية، ارتفعت أصوات شعبية في شبكات التواصل الاجتماعي تدعو المغاربة إلى مقاطعة شراء منتوج شركات إنتاج وتوزيع الحليب في المغرب، لحملها على التراجع عن الزيادة في الأسعار. كما أصدرت بعض جمعيات حماية المستهلك بيانات منددة تدعو المستهلكين إلى اعتماد سياسة مواجهة الغلاء بالاستغناء، كما هو الشأن بالنسبة إلى مرصد حماية وإرشاد المستهلك الذي يوجد مقره بمدينة سلا، الذي دعا في بيان له توصلت «أخبار اليوم» بنسخة منه المستهلكين إلى التوقف عن استهلاك منتوج الحليب أمس الاثنين واليوم الثلاثاء. وبدوره دعا شمس الدين عبداتي، رئيس المنتدى المغربي للمستهلك، في اتصال هاتفي أمس الاثنين، الحكومة إلى التدخل لإجبار الشركات على التراجع عن الزيادات الجديدة المعتمدة، مشددا على أن الظرفية الاجتماعية غير مناسبة لاعتماد مثل هذا النوع من الزيادات، فالمواطنون برأيه، خرجوا لتوهم من مصاريف شهر رمضان المكلفة وأمامهم الدخول المدرسي؛ وإذا كانت الحكومة تعتبر أن الزيادة لا تعنيها في شيء، وأنها تهم الشركات في إطار قانون المنافسة وحرية الأسعار، فإن اعتماد زيادات في مواد غذائية أخرى بطريقة «حسي مسي» (سرية) سيؤجج الغضب الشعبي. هذا، ومن المرتقب أن تثير هذه الزيادة في هذا الظرف الاجتماعي الحساس استياء واسعا في صفوف الفئات الفقيرة التي لا تستغني كل صباح عن مادة حيوية مثل الحليب. وتشير إحصاءات مهنيِي الحليب في المغرب إلى أن الاستهلاك الوطني من الحليب الطازج المبستر يصل إلى مليوني لتر يوميا، بينما يتراوح استهلاك الحليب المعقم، والذي يرتفع استهلاكه عادة بنسبة ب50 في المائة خلال شهر رمضان، ما بين 400 ألف و450 ألف لتر يومياً. ويتراوح متوسط استهلاك الفرد بين 45 و50 لترا في السنة، وهو رقم لا يرقى إلى العتبة التي حددتها منظمة الصحة العالميَّة المقدرة ب90 لتراً. ويتوقع المغرب أن يصل معدل إنتاجه السنوي للحليب إلى 3 ملايير لتر من الحليب سنة 2014، بعدما سجل 2.4 مليار السنة الماضية، وبمعدل سنوي يصل إلى 1.9 مليار لتر.
شمس الدين عبداتي : رئيس مرصد وحماية المستهلك المقاطعة ستجبر شركات الحليب على التراجع
كيف تلقيتم في المرصد المغربي للمستهلك التحاق الشركات المنتجة والموزعة لمادة الحليب في المغرب بشركة سنطرال ليتيير التي كانت سبّاقة إلى إقرار زيادة جديدة منذ يوم الخميس الماضي؟ من حيث المبدأ، نحن في منتدى المستهلك ضد هذه الزيادة التي تمت بطريقة «حسي مسي» كما يقول المغاربة، كان حريا بالشركات التي اعتمدت الزيادة أن تشعر المستهلكين بها أياما قبل ذلك من باب احترام ذكائهم وكرامتهم بدل أن يستيقظوا صباح الخميس الماضي على وقع الزيادة. صحيح أن قانون المنافسة والأسعار يبيح للشركات بالزيادة في الأسعار شريطة الإعلان عنها، لكن المبررات التي اعتمدتها شركات إنتاج وتوزيع الحليب في هذه الزيادة بمساعدة الفلاحين الصغار والكسّابة ورفع مستوى المستهلك، غير صحيحة، إذ تعكس رغبة هذه الشركات في المزيد من الإجهاز على القدرة الشرائية للمواطن.
الحكومة في شخص محمد نجيب بوليف، الوزير منتدب لدى رئيس الحكومة مكلف بالشؤون العامة، تقول إن هذه الزيادات لا تعنيها وأن الأمر يهم الشركات المعنية ولا يهم الحكومة، طالما أن قانون حرية الأسعار والمنافسة يخول للشركات الزيادة في الأسعار. ( مقاطعا)، إن الحكومة تهرب من المواجهة وتحاول أن تخلي مسؤوليتها من هذه الزيادة وهي بذلك ترتكب خطأ كبيرا، فالمستهلكون خرجوا لتوهم من أعباء ونفقات إضافية في شهر رمضان، وقد اختارت الشركات فترة ما بعد عيد الفطر لاعتماد الزيادة الجديدة لتنضاف إلى زيادات سابقة في أسعار المواد الغذائية، في حين تظل الأجور ثابتة في مكانها مما يضعف بشكل كبير القدرة الشرائية للمواطنين. ويضع من جهة الحكومة أمام مسؤولياتها ويجعل دورها في حماية مصالح المواطنين والمستهلكين موضع مساءلة.
علت أصوات في شبكات التواصل الاجتماعي تدعو إلى مقاطعة منتوج الحليب بعد الزيادة في أسعاره وهناك جمعيات دعت المستهلكين إلى اعتماد سياسة مواجهة الغلاء بالاستغناء، هل تعتقد أن هذه الدعوات ستجد قبولا لها بين المستهلكين المغاربة. لقد دعونا في مرصد حماية المستهلك إلى وقفات وطنية احتجاجية على الزيادة في أسعار المواد الغذائية بشكل عام، وفي مادة الحليب تحديدا، وهناك بدائل أخرى يمكن للمستهلكين أن يلجؤوا إليها بدل استهلاك الحليب المبستر، كاستهلاك الحليب المجفف، ثم إن المقاطعة الشعبية لشراء منتوج الحليب ستجبر حتما الشركات على التراجع عن الزيادات إذا ما انصرف المستهلكون عن شراء منتوجاتها. .