بعدما هيمنت أميركا على القرن العشرين، ساد اعتقاد بأن قيادة العالم اقتصادياً وثقافياً ستنتقل إلى آسيا نتيجة ثورتها البشرية المتعاظمة سواء في الصين أو الهند، ولكن يبدو أن نجم أفريقيا سيلمع قليلاً قبل أن يطفئ هذا القرن شموعه. إذ كشف تقرير جديد لأعداد السكان المتوقعة عام 2050 معلومات وأرقاما من شأنها أن تقلب كراسي صدارة الأمم رأسا على عقب. ورغم أن الصين ما زالت تحتل صدارة الدول فيما يتعلق بالتعداد السكاني، غير أنها ستتنحى عن هذه الصدارة لصالح الهند عام 2050، حسب ما ذكره مكتب الإحصاء السكاني الأميركي، وهو مجموعة غير ربحية تعمل على دراسة ونشر البيانات والأبحاث الديموغرافية. يقول بيتر غولدشتاين، نائب رئيس مكتب الإحصاء السكاني الذي أشرف على وضع وإصدار ورقة بيانات العالم السكانية لعام 2015 "تحاول الصين منذ عقود تقليص معدلات خصوبتها، مقابل نمو تعداد سكان الهند بسرعة متوسطة نسبياً، لذا ستنخفض معدلات خصوبة الصين المتوقعة وبالتالي ستخسر كرسي صدارتها". أما القارة الأفريقية، على سبيل المثال، فستضم 3 من أكبر عشرة بلدان تعداداً للسكان مع حلول عام 2050، وفق تقديرات مكتب الإحصاء السكاني في واشنطن. وسيكون تعداد سكان أكبر هذه الدول الثلاث (نيجيريا) أقل بمليون نسمة فقط عن تعداد سكان الولاياتالمتحدة، بينما تشق كل من جمهورية الكونغو الديموقراطية وإثيوبيا طريقهما لدخول القائمة، في حين تخرج روسيا والمكسيك من قائمة أكثر دول العالم سكاناً، وهكذا وبرحيل روسيا ستخلو القائمة من أي دولة أوربية. السر في النمو السكاني..؟ الأطفال ففي حين أن الولاياتالمتحدة والدول المتقدمة الأخرى تعمل جاهدة لأقلمة سوق عملها مع مجتمعاتها الكهلة، تتوقع أفريقيا أن تشهد طفرة كبرى وازدياداً في أعداد المواليد. فدول النيجر وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديموقراطية والصومال وتشاد تتربع على عرش أكثر دول العالم في معدلات الخصوبة، بحسب التقرير الذي نشرته شبكة بلومبرغ الإخبارية. ويُرجع بيتر غولدشتاين الزيادة السكانية كذلك "إلى انخفاض معدلات الوفيات نظراً للتحسن في قطاع الصحة العام، ويُنتظر أن تكون أفريقيا فاعلةً أساسية في دفع عجلة النمو السكاني على مدى العقود القليلة القادمة". ولعل هذا أيضاً سببٌ جعل غالبية الأفارقة يرون أن جيل اليوم سينشأ في ظروف مادية أفضل من ظروف آبائهم في فترة صباهم، وذلك في استبيان أجراه مركز بيو للأبحاث Pew Research Center.