يبدأ الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الأحد زيارة الى اسرائيل والاراضي الفلسطينية تستمر حتى الثلاثاء يأمل خلالها في دفع عملية السلام المتعثرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وسيحاول الرئيس الفرنسي خلال هذه الزيارة الطويلة الى الخارج ان ينعش ايضا العلاقات الاقتصادية والتجارية والتي ترى باريس انها "بالكاد ترقى الى مستوى العلاقة السياسية". واعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو هذا الاسبوع انه ينتظر "بفارغ الصبر" الرئيس الفرنسي الذي وصفه بأنه "صديق مقرب من اسرائيل". وترحب اسرائيل ايضا بوزير خارجيته لوران فابيوس الذي يسعى الى رفع سقف الشروط في المفاوضات المتعددة الاطراف مع طهران حول برنامجها النووي. بدوره اكد الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز الذي يستقبل الاحد نظيره الفرنسي انه يثمن موقف باريس الصارم تجاه ايران في المفاوضات الجارية بين طهران ومجموعة الدول الست الكبرى حول الملف النووي الايراني, مشددا على انه "لا يجوز رفع الضغط" عن ايران قبل ان تتخلى, "على الاقل على المدى البعيد", عن برنامجها النووي. وقال بيريز في مقابلة نشرتها صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الاحد "هذا صحيح, نحن في اسرائيل ثمن ا حقا الموقف الفرنسي الصارم تجاه ايران", محذرا من انه اذا نجحت ايران في صنع القنبلة الذرية فان كل دول منطقة الشرق الاوسط ستحذو حذوها. وترى باريس انه اذا كانت "المقاربة التكتيكية" التي تعتمدها فرنسا مختلفة عن تلك التي تعتمدها اسرائيل, فان كلا البلدين يتفقان على ان الشق العسكري للبرنامج النووي الايراني "يجب ان يتوقف", علما بان طهران تنفي ان يكون برنامجها النووي يخفي خلف طابعه المدني اي شق عسكري سري كما يتهمها بذلك الغرب واسرائيل. وتقول باريس ان موقفها من ايران "لا يرمي الى ارضاء هذه الدولة او تلك", مشددة على انه "موقف واضح يستند الى المبدأ التالي: النووي المدني نعم, القنبلة النووية لا". وفي ما خص الملف الاسرائيلي-الفلسطيني, ينوي هولاند "تشجيع" الطرفين على القيام ب`"التسويات" و"الجهود اللازمة" لتجاوز خلافاتهما, بحسب الرئاسة الفرنسية التي اقرت في الوقت نفسه بأن "الالتزام الشخصي" لوزير الخارجية الاميركي جون كيري حاسم في مفاوضات السلام الهشة التي استؤنفت بين الطرفين قبل ثلاثة اشهر. واكد الاليزيه ان "الروح المشجعة والشعور بالامل" سيسودان الاجتماعات التي سيعقدها هولاند الاحد مع المسؤولين الاسرائيليين, والاثنين في رام الله مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس والثلاثاء في الكنيست الاسرائيلي. وسيدعو الرئيس الفرنسي الذي يرافقه ستة وزراء, والمؤمن ب`"نفوذ" فرنسا في المنطقة, الى "حل على اساس الدولتين" مع ضمانات امنية لاسرائيل وتأمين مقومات الدولة المقبلة للفلسطينيين. ويفترض ان يكرر هولاند التنديد باستمرار الاستيطان اليهودي في الاراضي الفلسطينية الذي يهدد محادثات السلام. وعشية الزيارة اعلنت حركة حماس على لسان متحدث باسمها ان "زيارة هولاند إلى القدسالمحتلة غير مرحب بها لأنها تساهم في تشجيع الاحتلال على جريمة التهويد والاستيطان وتعكس حجم النفاق السياسي الغربي في الموقف من القضية الفلسطينية وتؤسس لمرحلة خطيرة من تجاهل الحقوق". وسيوجه هولاند خلال زيارته الى اسرائيل "رسالة صداقة قوية" الى الدولة العبرية وسيؤكد ايضا "دعمه للتنمية الاقتصادية والثقافية والعلمية ولدمجها في المجتمع الدولي", بحسب ما افاد مقربون منه. وبلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين 2,3 مليار يورو عام 2011. وفرنسا ليست سوى الشريك التجاري الحادي عشر لاسرائيل. واعرب مسؤول فرنسي كبير طلب عدم الكشف عن هويته, عن اسفه لهذا الواقع, مشيرا الى ان "اسرائيل بلد غني بلغ مراحل متقدمة لكن مبادلاتنا معه هزيلة". وسيشارك حوالى اربعين رئيس شركة فرنسية مثل "الستوم" و"أريان إيسباس" و"فينشي" في رحلة هولاند التي سيدشن خلالها مع نتانياهو وبيريز في تل ابيب الثلاثاء المعرض الثاني للابتكارات الاسرائيلية-الفرنسية. وفيما وعد بنيامين نتانياهو بفرش "السجادة الحمراء" للرئيس الفرنسي, تؤكد باريس ايضا ان كل التدابير اتخذت حتى تسير الزيارة "بهدوء", لئلا يتكرر ما حصل خلال زيارة سلفه جاك شيراك في 1996 والذي انفجر غضبا من ضغوط اجهزة الامن الاسرائيلية. ويومها وقع التصادم بين شيراك وقوات الامن الاسرائيلية في حرم كنيسة القديسة حنة التي سيزورها ايضا هولاند. وهذه الكنيسة هي أحد اربعة معالم دينية تقع في القدس وتخضع لحماية فرنسا. وسيقوم الرئيس الفرنسي في جولته بعدد من الزيارات الرمزية, حيث سيضع اكاليل من الزهر على قبري مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هرتزل ورئيس الوزراء الاسبق اسحق رابين, وسيزور نصب ياد فاشيم التذكاري للمحرقة. كما سيضع اكليلا من الزهر على ضريح الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في رام الله. وفي اليوم الاخير من رحلته, سيزور مقابر الضحايا الاربع للاعتداء الذي نفذه محمد مراح في 19 مارس 2012 في مدرسة اوزار هاتوراه اليهودية في تولوز جنوب غرب فرنسا.