بات لحسن الداودي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، والقيادي في حزب العدالة والتنمية، مطالبا بمراجعة الكثير من حساباته السابقة المتعلقة بما ينوي تحقيقه في هذا القطاع الحسّاس بعدما مدّد مشروع القانون المالي للسنة المقبلة، مفعول الاقتطاع من ميزانية الاستثمار الذي تعرّضت له ميزانيته في السنة المنتهية، وبعثرت نسبة النجاح في امتحانات الباكالوريا في السنة الماضية، جميع حساباته، حيث التحقت أفواج قياسية بمدرجات الجامعات في الموسم الجامعي الماضي. الميزانية الخاصة بوزارة الداودي، شهدت تقليصا بقيمة 200 مليون درهم، فيما تراجعت اعتمادات ميزانية التسيير بقرابة نصف مليار درهم؛ علما أن الوزير كان قد أعطى وعودا جد طموحة في سنته الأولى، بتقليص الاكتظاظ داخل الجامعات، وتخفيف الضغط الحاصل على الأساتذة نظرا إلى قلّتهم. فقد تراجع المعدل الوطني للتأطير البيداغوجي من 38 طالبا لكل أستاذ سنة 2011-2012، إلى 45 طالبا لكل أستاذ في السنة الجامعية الماضية، رغم استفادة الوزارة من 500 منصب مالي. فيما تبقى التفاوتات كبيرة بين جامعات المملكة، وأكثرها معاناة من الاكتظاظ وقلة الأساتذة، هي جامعات مراكش وفاس والقنيطرة وجامعة القرويين، حيث يصل المعدل إلى 87 طالبا لكل أستاذ في جامعة ابن زهر بأكادير. اختلالات تعمّقت في السنة الجامعية الماضية نظرا إلى العدد الكبير من الطلبة الجدد الذين التحقوا بالتعليم العالي، إثر نسبة النجاح الكبيرة والاستثنائية في الباكالوريا. العدد الإجمالي للطلبة وصل السنة الماضية إلى أكثر من 610 ألف طالب، بزيادة 20 في المئة مقارنة مع السنة السابقة. تفاقمٌ أدى إلى الاكتظاظ، حيث انتقلت نسبة استعمال الطاقة الاستيعابية للجامعات من 121 طالبا لكل 100 مقعد، إلى 141 طالبا لكل مئة مقعد بفعل الارتفاع الكبير لعدد الطلبة. وامتصّ هذا الارتفاع الكبير المجهود المالي الذي بذلته الحكومة في العام الماضي، حيث وصل عدد الطلبة الممنوحين 215 ألف طالب، مع زيادات في قيمة المنحة بقيمة 200 درهم لطلبة الإجازة و300 درهم لطلبة الماستر والدكتوراه. الموسم الجامعي الحالي، ورغم التراجع الذي سجّل في عدد الطلبة الجدد ونسبة النجاح في الباكالوريا، شهد بدوره ارتفاعا في العدد الإجمالي للطلبة بنسبة 8.8 في المئة. وفيما شهدت المؤسسات الجامعية تعزيز طاقتها الاستيعابية بأكثر من 50 ألف مقعد، فإن معدل التأطير البيداغوجي تحسّن بشكل طفيف، وانتقل من 141 طالبا لكل أستاذ إلى 136 طالبا لكل أستاذ، لكن التحسن لم يكن شاملا، حيث استمرّ الضغط كبيرا على جامعات القنيطرة وبني ملال وفاس وأكادير. وتقدّر الوزارة احتياجاتها من المناصب المالية، بنحو 1100 منصب، موزعة بين 700 منصب بيداغوجي، أي الأساتذة، و400 منصب إداري. فيما لم يمنحها مشروع القانون المالي سوى 300 منصب.