أثارت الدعوى التي رفعها فوزي لقجع، مدير الميزانية في وزارة الاقتصاد والمالية ورئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ضد توفيق بوعشرين، مدير "أخبار اليوم"، والتي طالب فيها بمنعه من الكتابة لعشر سنوات كاملة، مع تغريمه مليون درهم، استغراب العديد من المتابعين. النقيب عبر الرحمن بنعمرو قال إن مطالبة لقجع بمنع بوعشرين من الكتابة لهذه المدة كاملة، على خلفية مقال صحفي، تتضمن مسا وتضييقا صريحا على حرية الرأي والتعبير، مشددا: "حتى إذا افترضنا أن الصحفي أخطأ في الخبر، رأيي أن يصحح الأمر ببيان حقيقة". ورفض الحقوقي والمحامي الشهير، في حديث مع "اليوم24″، المطالبة بمنع الصحفي من الكتابة بقرار قضائي كيفما كان الحال، "فلا أعتقد أن ما كتبه الصحفي يصل إلى درجة عالية من الخطورة، لا على مستوى الأمن العام أو أمن الأشخاص أو يضر بالمصلحة العامة". وفي تعليقه على التعويضات التي طالب بها مدير الميزانية في دعواه، قال بنعمرو إن "القضاء تعرض عليه قضايا أهم من هذه القضية فيقرر حفظ الملك أو يحكم بتعويضات متواضعة.. ما يطالب به مبالغ فيه". من جهته، أوضح عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة، أنه لا جدال في حق كل مواطن في أن يلجأ للقضاء، إن أحس بضرر شخصي من أي ممارسة صحفية، "ولكن ما يطالب به لقجع في هذه القضية يعكس الطابع الانتقامي، وهذا أمر واضح ملموس". وأوضح البقالي أن الطابع الانتقامي للشكاية يتجسد في ربطها بضرورة إعمال فصول القانون الجنائي وليس قانون الصحافة، مستنكرا "أي رغبة انتقامية"، مشددا على أنه مع الحق في اللجوء إلى القضاء، لكنه يرفض استعماله كسلاح للفتك بالصحفيين. توفيق بوعشرين، وفي تعليق له على مطالبة لقجع بمنعه من الكتابة لعشر سنوات ومليون درهم كتعويض، قال إن "مدير الميزانية يخوض حربا بالوكالة على الصحافة الحرة، وغرضه ليس الدفاع عن شرفه الذي لم يمس، بل الغرض من الدعوى القضائية التي رفعها ويطالب فيها بمنعي عشر سنوات من الكتابة ومليون درهم كتعويض عن ضرر غير موجود واضح جدا.. إنه يريد أن يقدم خدمة للذين يطمحون لقتل صوت صحفي جريء يرفض أن يلعب مع المال أو السلطة أو التيكنوقراط لعبتهم المفضلة لترويض الأقلام الصحفية وجعلها ذخيرة في مدافعهم ضد خصومهم". وأضاف بوعشرين، في تصريح ل"اليوم 24″، أن "لقجع يستعمل كبالون اختبار في هذه المعركة، وأنا لا اعترض على هذا الدور الصغير الذي قبل لقجع على نفسه أن يلعبه، كنت أنظر إليه نظرة أخرى، لكن كل واحد يعرف قيمته أكثر من الآخرين"، قبل أن يشدد: "فوزي لقجع نموذج التيكنوقراطي المستعد للقفز فوق كل الحبال اليوم مع هذا وغدا ذاك، والله ينصر من صبح". ويقاضي لقجع بوعشرين بسبب خبر صحيح نشرته "أخبار اليوم"، يتعلق بما صار يعرف إعلاميا ب"قصة المادة 30″ في مشروع قانون المالية ل2016، والذي سحب صفة الآمر بالصرف في صندوق تنمية العالم القروي من رئيس الحكومة لصالح وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش. وكانت المادة 30 قد أثارت جدلا قانونيا وسياسيا، وتسببت في حالة احتقان وتوتر داخل مجلس حكومي سابق، بحيث عبر رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، عن غضبه من تمرير المادة المثيرة في "دون علمه"، وهو ما رد عليه أخنوش بأنه كذلك غاضب، وأنه أعلمه بها، بعدها لجأ إلى وزير المالية لمساندته في رأيه. وقد أكد بنكيران نفسه، وفي أكثر من تصريح صحفي، آخره حديثه إلى قناة "ميدي آن تيفي"، ما نشرته "أخبار اليوم"، غير أن لقجع فضل الذهاب بعيدا في دعواه وطالب بمنع مدير الجريدة من الكتابة لعشر سنوات، وهو الحكم الذي سبق أن صدر في حق الصحفي علي لمرابط، واعتبر "نقطة سوداء" في تاريخ الأحكام القضائية ضد الصحفيين، وأثار غضب منظمات وطنية ودولية.