"باعتباره نظاما ملكيا ملتزما بتحقيق الديمقراطية، نجح المغرب في صنع صورة إيجابية عنه وأثبت أنه البلد الأكثر استقرارا في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، إلا أن الحكومة باتت تهدد هذه السمعة، بسبب الحملة التي تقودها ضد الصحافيين والجمعيات الحقوقية"، بهذه العبارات استهلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، افتتاحيتها التي خصصتها، للوضع الحقوقي في المغرب. ونوّهت الصحيفة الأمريكية بداية بالخطوات الإصلاحية التي أقدمت عليها "ملكية محمد السادس" مباشرة بعد احتجاجات الربيع العربي عام 2011، واستجابت للمطالب الداعية إلى مزيد من المشاركة الديمقراطية، وذلك عبر صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، كما أن الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة مرت بنجاح. وتأسفت هيأة تحرير صحيفة "نيويورك تايمز" لما آل إليه الوضع لاحقا في المغرب، حيث شرعت الحكومة في "استهداف الصحافيين الذين يتجرؤون على تحرير تقارير إخبارية لا تلائمها، وذلك عبر تخويفهم، ومضايقتهم، وفرض عقوبات سجنية ضدهم بتهمة تشويه سمعة الدولة". واستحضرت "نيويورك تايمز" عددا من الأسماء التي "تعرضت لهذه المضايقات"، من بينها عبد الصمد عياش، الناشط الحقوقي والعضو في الجمعية المغربية لصحافة التحقيق، الذي مُنع من السفر شهر غشت الماضي، حيث استجوبته السلطات، واتهمته ب "العمل لصالح أجندة أجنبية". وأضافت الصحيفة "لكن حينما تفشل الاتهامات السياسية، يتم استهداف الحياة الشخصية للصحافيين، وهو تماما ما حدث مع هشام المنصوري، شهر ماي الماضي، الذي حوكم بعشرة أشهر حبسا في قضية تتعلق بالخيانة الزوجية، وهو ما جعل منظمة "هيومن رايتس ووتش" تدخل على الخط، وتعتبر أن اعتقال الصحافي له دوافع سياسية محضة". وذكرت الصحيفة في افتتاحيتها أن "منظمات المجتمع المدني تتعرض بدورها إلى هذه الحملة"، واستدلت على ذلك بحالة المعطي منجب، رئيس جمعية "فريدوم ناو"، أو الحرية الآن، الذي منع بدوره حسب الصحيفة من السفر نحو النرويج لحضور مؤتمر، وواجه تهما تتعلق، بالإضرار بصورة المغرب، والتشهير به ونشر أخبار كاذبة، وهو ما قابله منجب بإعلانه الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام، نُقل على إثره إلى المستشفى بعد أيام، مصرّحا إلى وكالة رويترز "من الأفضل أن أموت بدل أن أعيش في الظلم". ولم تفت الصحيفة حالة كريمة نادر، نائبة رئيسة جمعية الحقوق الرقمية، التي وجهت إليها اتهامات تتعلق ب"الوشايات الكاذبة"، و"تسفيه الجهود التي تبذلها الدولة"، وذلك في أعقاب نشرها تقريرا باسم جمعيتها، يتحدث عن مراقبة السلطات لخصوصيات المواطنين المغاربة. ونبهت الصحيفة المغرب إلى أن "هذه الحملة الممنهجة ضد المعارضين، تتسبب في أضرار بليغة لصورته، وعلى الحكومة أن تكف عن مضايقها للصحافيين، وتسمح للجمعيات الحقوقية بأن تمارس عملها وفقا لما ينص عليه الدستور، وتقضي به المواثيق الدولية، وإن لم تفعل ذلك فإن كل المكتسبات التي تحققت خلال السنوات الأربع الماضية ستصبح مهددة".