لاشيء يبدو منطقيا في عالم السياسة بالمغرب، فبإمكانك أن تنهزم في الانتخابات وتصبح رئيسا لمجلس المستشارين مادام الناخبون الكبار سيصوتون عليك، ومادامت القوانين تسمح بذلك. هذا ما ينطبق على حكيم بن شماش، الرئيس الجديد لمجلس المستشارين، الذي تسلم مساء اول أمس الثلاثاء مفاتيح الغرفة الثانية بعد فوزه على عبد الصمد قيوح، مرشح حزب الاستقلال. قبل سنة 2009 لم يكن أحد يعرف حكيم بنشماش، القادم من إحدى قرى الريف بمنطقة بني بوعياش، اللهم بعض رفاقه من الطلبة القاعديين الذين كان مناضلا في صفوفهم في الجامعة في فترة الثمانينات، حيث اعتقل إلى جانب العشرات منهم، قبل أن يراجع أوراقه ويعلن الطلاق مع النضال الطلابي والسياسي عامة، بعد إطلاق سراحه، حيث تفرغ لدراسته إلى أن أصبح أستاذا للعلوم السياسية، إلا أنه لم يكتب سطرا في مجال تخصصه لحد الآن . بدأ الظهور الفعلي لحكيم بنشماش سنة 2009، حيث انتخب رئيسا لمقاطعة يعقوب المنصور، ومستشارا برلمانيا باسم حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسسه صديق الملك، فؤاد علي الهمة لمواجهة ما وصفه حكيم بنشماسش ذات يوم بالتيار الظلامي في تصريح له لإذاعة هولندا العالمية. لا تذكر ساكنة يعقوب المنصور لحكيم بنشماش أية إنجازات، باستثناء بعض المنتديات التي استدعى إليها بعض جمعيات الأحياء وبقيت توصياتها حبرا على ورق، لكنهم يذكرون له بعض التصريحات التي اعتبروها مشينة في حقهم، حيث وصف في تصريح لإحدى الإذاعات الهولندية نساء دوار الكورة بيعقوب المنصور ب"العاهرات" وشبابه ب"مدمني القرقوبي" وهي التصريحات التي جرت عليه غضب ساكنة الحي، حيث حاصروه ذات مرة ولم يجد سوى سيارة الأمن التي نقلته بعيدا عن شباب الحي الغاضبين. في انتخابات 4 شتنبر مني حكيم بنشماش بهزيمة قاسية في مقاطعة يعقوب المنصور، حيث لم يحصل حزب الأصالة والمعاصرة في هذه الدائرة سوى على 8 مقاعد وراء حزب العدالة والتنمية الذي حصل على 21 مقعدا من أصل 44 وحزب التجمع الوطني للأحرار الذي حصل على 10 مقاعد. ورغم هزيمته القاسية في انتخابات 4 شتنبر التي اندحر فيها حزب الأصالة والمعاصرة من جميع المدن الكبرى بالمغرب، إلا أن الناخبين الكبار كان لهم رأي آخر، ففي انتخابات 2 أكتوبر، الخاصة بمجلس المستشارين، حصل بنشماش على 37 صوتا رغم أن حزبه لم يكن يتوفر سوى على 12 صوتا بجهة الرباطسلاالقنيطرة، وهو ما طرح سؤالا عريضا حول المقابل الذي تلقاه 25 مستشارا الذي صوتوا لصالحه من خارج حزبه، ومهدوا له الطريق لرئاسة مجلس المستشارين، التي حسمها لصالحه مساء الثلاثاء 13 أكتوبر بفضل أصوات حزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، الذين فضلوا الارتماء في حضن "البام" ضد مرشح حزب الاستقلال، عبد الصمد قيوح.