زليخة غلاب، مغربية بلغ صيتها العالم بفضل أنفها المميز. فهي مصممة عطور استطاعت أن تضمن لها مكانا في النادي الضيق لأصحاب الأنوف البالغة الحساسية عالميا. في هذا الحوار تكشف لقراء «أخبار اليوم» مسارها ومشاريعها المستقبلية. أنت أول امرأة مغربية وعربية تقتحم عالم تصميم العطور، متى كانت بدايتك في المجال؟ علاقتي بالعطور قديمة، لن أقول إنها كانت منذ الطفولة، لأني لم أكن أعرف شيئا عن عالم العطور. لكن كانت ثمة إرهاصات في هذه المرحلة، ذلك أني كنت مولعة جدا بروائح الأعشاب والورد. خصوصا أني كنت أقضي فترات طويلة في البادية في ضيعة والدي، وهو من أصول أمازيغية، حيث كانت جدتي تطلي لنا، كما في عادات المرأة المغربية عموما، الحناء مخضبة بأعشاب مختلفة، كالقرنفل والورد والخزامى والريحان، وكان ذلك يروقني جدا.. ومع مرور الوقت، كنت أحرص، وأنا طفلة، على قطف الورد وتجفيفه والاحتفاظ به في غرفتي. نريد الوصول معك إلى ما يوضح عتبة علاقتك بعالم العطور؟ بعدما كبرت، وجدتني مولعة بالعطور، وكنت أشتري بالمصروف الذي يقدم لي قارورة عطر. ومع مرور الوقت، لم أعد أكتفي بواحدة، فصرت أشتري الكثير منها بأنواع مختلفة، وكنت أعمد إلى حيلة حتى لا يعرف الآخرون نوع العطر الذي أستعمله، فكنت أمزج نوعين أو ثلاثة أنواع مع بعضها البعض للحصول على عطر جديد، وهو ما كان يتّأتى لي في النهاية لأحس بنفسي متميزة ومثيرة للانتباه بعطر لا يشبه العطور التي يضعها الآخرون، وكنت أستمتع حقا بذلك وأنا مراهقة. هل تلقيت تكوينا بخصوص صناعة العطور؟ لا، لكني بفرط تعلقي به كنت أبحث فيه دائما وأقرأ عنه، وأجرب كل ما أفكر فيه. وفي محيطي القريب، كنت أردد دائما أني سأنشئ دارا للعطور باسمي «Zoulikha Parfum » ، وهو ما حققته في النهاية لإيماني أن الموهبة والإرادة سبيلان ناجعان لتحقيق أي هدف. حسنا، لكن نريد نعرف من أي باب ولجت عالم تصميم العطور، خطوتك العملية الأولى أين وكيف بدأت؟ كما ذكرت سابقا، كنت أبحث في المجال، وأعرف جيدا أن غراس GRASSE هي العاصمة العالمية للعطور، لذلك قررت السفر إليها والإقامة بها سنة 2011، وذلك بعدما كنت أخذت مواعيد مسبقة مع مختصين في المجال. ألم يكن صعبا تحديد هذه المواعيد مع مختصين في مجال العطور؟ بالنسبة إلي لا، إذ تربطني علاقات صداقة بالعديد من الفرنسيين، نشأت مع سفري الكثير إلى فرنسا منذ الصغر، رفقة والدي، رحمه الله. من يسّر لك ذلك تحديدا؟ التقيت بعدد من المختصين، لكن الفضل يعود إلى أحد صناع العطور، الذي يصنع لي عطوري اليوم، هذا الشخص اكتشف حاسة الشم القوية لدي، وطلب مني مساعدته ك«أنف» «Un Nez»، وهي مهنة تعتمد على حاسة الشم، ويملك صاحبها القدرة على تمييز مكونات العطر وضبط جرعاته، وهو ما كان. واكتشفت بعدها أني أول امرأة «أنف» «nez» في العالم. فصرت بذلك أول «أنف امرأة» في العالم، إضافة إلى كوني أول مصممة عطور مغربية وعربية. ما أسماء العطور التي صممتها إلى حدود الآن؟ لدي عدد منها، أولها كان سنة 2012، ويحمل هذا العطر اسم «REVE à MARRAKECH، وعطر «ROSE DU SABLE»، و»PERLE DE PLUIT»، وهناك عطر آخر من دار عطوري «ZOULIKHA» لكنه من تصميم زوجي خالد بنشكرة، وهو عطر للرجال يحمل اسم «the 17». وثمة عطور أخرى لن أعمل على إخراجها في الوقت الحالي. كيف كان تفاعل الزبناء مع هذه العطور، ومع من تتعاملين تحديدا في تسويقها؟ هناك فئة من الناس تبحث عن العطور النادرة، وهناك فئات أخرى لديها عقد الأسماء المعروفة كاسم «شانيل»، وبالنسبة إلي أتعامل مع الفئة الأولى، وأغلبها من الأجانب الذين أحبوا عطوري وأقبلوا على اقتنائها، في الوقت الذي لم تلاقي عطوري أي إقبال من قبل المغاربة، ولست أدري إن كانت لم ترقهم أم لم يرقهم الاسم المغربي لأنهم يحملون «عقدة الأجنبي». ما أغلب ما تعتمدينه في تصنيع عطورك؟ أحرص في الغالب على أن تكون بلمسة مغربية، وأعتمد في ذلك الزهور والورود، وهناك المسك أيضا والحوامض والعود. العود، هذا العنصر الأخير الذي ذكرته، يبدع فيه أكثر الخليجيون، أليست مغامرة التفكير في اقتحام عالم برعوا فيه؟ لا أقول إني أخترق عالم العود في تصميم عطوري، وإنما هناك قليل من العود. أما عالم عطور العود، فله أصحابه، أو بتعبير أدق، أسياده وهم الخليجيون. لذلك لم تنجح دور كبيرة، منها كوتشي التي اخترقت عالم العود ب «كوتشي عود»، مستغلة بذلك اسم شهرتها، لأن صناعتها لا يمكن أن تضاهي صناعة العطور الخليجية المستخلصة من العود بأياد خليجية. متى أخرجت أول عطر من تصميمك؟ هوسي بالعطور دفعني إلى التوجه إلى نحات لينحت لي قارورة خاصة تَسعُ 3 لترات للعطور، ووفرها لي ومزجت فيها ثلاثة عطور مختلفة، وما أزال أحتفظ بها معي، وهي خلاصة عطري الأول. أما أول عطر صممته بنفسي فعليا فكان سنة 2012 Reve à Marrakech، ولم تكن لدي تجربة حينها، لذلك لم أكن راضية تماما عن القارورة التي أصدرت فيها وغيرتها بأخرى ستصدر مع بداية السنة المقبلة، خلال احتفالات رأس السنة مع بعض العطور التي أخذت وقتي كاملا في صناعتها. وأنفقت وقتي كاملا في تصميمها وتصميم قاروراتها، التي تمثل جواهر بالنسبة إلي وبالنسبة إلى من سيستعملها. ما معدل العطور التي تشمينها قبل صناعة عطر معين؟ ما بين 3 آلاف و4 آلاف عطر قدمها لي عطاري «le parfumeur» مرة كل شهر قبل تحديد اللازم في تركيب أي عطر وما ينبغي تعديله.