"إنLe قلب السحر على الساحر"، هذه المقولة تعتبر أبلغ تعبير عما تعرضت له الشركة الإيطالية "هاكين تيم"، والمشهورة بإنتاجها برامج معلوماتية مختصة في التجسس على كل المنتجات الإلكترونية المستعملة في ميدان الإتصالات كالحواسيب والهواتف النقالة واللوحات الإلكترونية، فالشركة العالمية تعرضت، مساء أمس الأحد، لاكبر عملية قرصنة في تاريخها لتتحول من شركة تصنع برامج للقرصنة والتجسس، هي الأخرى الى ضحية للفعل نفسه. حساب الشركة الإيطالية على موقع تويتر تعرض للقرصنة ليلة أمس الأحد 6 يوليوز، حيث تم تغيير إسم الشركة في البروفايل من "هاكين تيم" إلى "هاكت تيم"، أي من شركة للقرصنة إلى شركة تعرضت للقرصنة. ومن خلال نفس الحساب، بدأ المقرصنون ينشرون روابط لمجموعة من الوثائق والمعلومات السرية والمتعلقة بالشركة وبأرشيفها في عملية أشبه بتسريبات ويكيليكس الشهيرة. الروابط تشمل إيمايلات ووثائق وفواتير وصور، وبلغ مقدار ما تم تسريبه لحد الساعة 400 جيغا من المعلومات. وما حدث وضع الشركة أمام حرج كبير أمام زبنائها، الا انها ظلت تلتزم الصمت لحدود الساعة. الشركة التي يقع مقرها الإجتماعي وسط مدينة ميلانو، والتي تتوفر على فروع في مجموعة من الدول كالولايات المتحدةالامريكية، تتعامل مع الدول كما أن أنشطتها التجارية تشمل شركات كبرى وأبناك، إذ تبيع منتوجات تعتبر كسيف ذو حدين، فنفس المنتوج يمكّن من التعرف على "مجرمي" الويب كاللصوص والبدوفيليين والإرهابيين وغيرهم، على أن نفس المنتوج يمكن إستعماله أيضا لأغراض سياسية ترمي إلى تتبع المعارضين. ويُنتج العملاق الإلكتروني الإيطالي "هاكين تيم" برامج وتطبيقات تجعل الجهاز، سواء كان حاسوبا أو هاتفا ذكيا بيد المتجسس، حيث يقوم بتسجيل كل ما يقوم به صاحب الجهاز ويقوم بتحويله إلى الجهة المتجسِّسة سواء كان دردشة عبر مواقع التواصل أو إيميل، بل اكثر من ذلك يقوم بتسجيل المكالمات الهاتفية ويلتقط صورا ويقوم أحد أخطر الفيروسات الذي إخترعته الشركة، والمسمى RCS بكل ما سبق ذكره حتى والجهاز خارج التغطية، بل وحتى حين يكون مقفلا. وإستنادا إلى التسريبات، تتعامل الشركة الإيطالية مع مجموعة من الدول من بينها : المملكة العربية السعودية، تونس ، تركيا ، عمان ، لبنان ، نيجيريا ، كازاخستان ،السودان ، تونس ، الإمارات العربية المتحدة ، البحرين ،تركيا ، روسيا إضافة إلى دول اوربية كإيطاليا، ألمانيا، إسبانيا، بولونيا وغيرها. وإلى جانب الحكومات، هناك مجموعة من الشركات العالمية التي كشفت التسريبات تعاملها مع الشركة الإيطالية ك "دوتش بنك" وأكسا للتامينات وشركة الإتصالات الإيطالية تيم. الشركة تعود إلى واجهة الأحداث بعد أقل من سنة فقط على تصدر أخبارها صفحات جرائد عالمية، أولا بسبب تسريبات ويكيليكس، ثم ثانيا حين إتهمتها دراسة كندية بكونها تبيع منتجات تُستعمل بطريقة غير قانونية للتجسس على مستعملي الويب وللتضييق على حرية التعبير واصطياد المعارضين والتجسس على الصحفيين في بعض الانظمة غير الديمقراطية، كما أن شركة "كاسبيرسباي " الرائدة في المنتوجات المضادة للفيروسات أفادت في دراسة لها قبل حوال ستة أشهر بأن منتجاتها صادفت آثارا لفيروس من إنتاج الشركة الإيطالية في حواسيب في زبنائها في مناطق متفرقة من العالم. ورغم نفي الشركة لمرات كثيرة تعاملها مع دول معروفة بالإعتداءات على حقوق الإنسان، إلا ان ما تم تسريبه يضرب كل تطمينات الشركة عرض الحائط ويكذب جملة وتفصيلا كل ما نفته الشركة حتى اليوم. وكمثال على ذلك، السودان إذ ان شركة "هاكين تيم" نفت نفيا قاطعا تعاملها مع حكومة البلد غير ان من بين الوثائق المسربة وثيقة تشير الى توصل الشركة السلطات السودانية بتاريخ 22 يوليوز 2012 ، بمبلغ 480 ألف أورو كتسبيق لفائدة الشركة الإيطالية في مقابل الإستفادة من خدمات الشركة في ميدان التجسس. ومن التسريبات المثيرة، هو اداء اثيوبيا، البلد الفقير، ما قيمته مليون دولار لشراء منتوجات الشركة! وأكدت التسريبات أن المغرب بدوره زبون وفي للشركة، بل وصفته هذه التسريبات بالزبون "النشيط" حيث أشارت الوثائق إلى أن الشركة يجمعها عقد مع وزارة الداخلية المغربية والأجهزة السرية المغربية على ان التسريبات لم تتضمن، في حدود ما تم الكشف عنه لحد الساعة، عن مبلغ الصفقة بين الجانبين أو عن تفاصيل اخرى. وسبق أن أشارت الدراسة الكندية المشار إليها أعلاه إلى أن من بين المواقع الإلكترونية المغربية التي كانت ضحية للتجسس موقع "مامفاكينش" وذلك سنة 2011.