مباشرة بعد تصريحات الناطق الرسمي باسم التحالف العربي الذي تقوده السعودية لضرب اليمين العميد أحمد العسيري، والذي أكد فيها أنه "لا وجود لجثة مفترضة للطيار المغربي ياسين بحتي"، الذي فقد في حادث سقوط طائرة F16المشاركة في الضربات على اليمن، التفت العديد من المراقبين إلى وجود ما يشبه "أزمة مصغرة" بين المغرب والسعودية بشأن موضوع الطيار، خاصة وأن تصريحات الناطق الرسمي باسم التحالف جاءت يوما واحدا بعد إصدار القوات المسلحة الملكية المغربية لبلاغ تعلن فيه العثور عما أسمته ب"الجثة المفترضة للطيار المغربي". وانتبه الكثيرون إلى التضارب في المعطيات الرسمية بين المغرب والسعودية، وهو ما فسره البعض بوجود خلاف بين البلدين بسبب موضوع الطيار. هذا الطرح تعزز بتصريحات أو ردتها صحيفة "رأي اليوم" لعبد الباري عطوان، والتي أكدت نقلا عن مصادر ديبلوماسية عن "امتعاض مغربي شديد" من الدور السعودي في عملية تسليم جثمان الطيار المغربي ياسين بحتي الذي قتل في تحطم طائرته الأحد قبل الماضي. وقالت مصادر "رأي اليوم" إن "السعوديين أبلغوا المغاربة أول الأمر بأن عليهم التخلي عن فكرة استعادة الطيار القتيل لأن تسليمه من قبل الحوثيين من سابع المستحيلات". وعندما أصبحت عملية التسليم ممكنة بفضل وساطة المبعوث الدولي السابق إلى اليمن المغربي جمال بنعمر، أثار بطء رد فعل السعوديين وتعقيداتهم الإجرائية حفيظة المغاربة الذين أمضوا ساعات طويلة لإقناع حلفائهم بمساعدتهم على استرجاع جثمان الطيار قبل نهاية الهدنة الإنسانية، خاصة وأن مقتله أصبح قضية رأي عام في المغرب". وتؤكد المصادر أن عملية التسليم "كانت مقررة يوم الجمعة الماضي قبل أن تؤجل إلى السبت ثم إلى الأحد بسبب تعقيدات من الجانب السعودي" مرتبطة بنقل الجثمان من محافظة صعدة إلى مطار العاصمة صنعاء الذي يكاد يكون المطار الوحيد الذي لا يزال صالحا لاستقبال الطائرات، حيث "رفض السعوديون إعطاء ضمانات للقافلة الحوثية التي ستنقل الجثمان، وهو الأمر الذي دفع الحوثيين إلى الإصرار على تسليم الجثة في صعدة وليس خارجها"، تقول صحيفة "رأي اليوم". وزاد من امتعاض المغاربة مرة ثانية يوم الأحد حين صرح الناطق الرسمي باسم التحالف لقناة العربية بأن عملية التسليم تمت "بجهود سعودية- مغربية، وهو ما اعتبرته مصادر "رأي اليوم" منافيا للحقيقة حيث "لعبت القوات السعودية دورا معطلا أكثر منه ميسرا في هذه العملية الإنسانية، بل إن العملية تمت بشكل كامل بتنسيق مغربي مباشر مع اليمنيين ومن دون جهد يذكر للرياض". هذا وتوحدت التصريحات التي واكبت قضية الطيار المغربي، في الإشادة بالدور الذي لعبه المبعوث الأممي السابق في اليمن المغربي جمال بنعمر، حيث أن مسألة تسليم جثمان الطيار حسمت من قبل الحوثيين بشكل أحادي ومن دون شروط بعد وساطة قام بها المبعوث الدولي السابق إلى اليمن جمال بنعمر. وأوضحت المصادر أن "مسؤولا مغربيا رفيع المستوى نقل لجمال لنعمر رغبة سلطات بلاده في التوسط لمعرفة مصير الطيار، وهو ما قام به بنعمر في بحر الأسبوع الماضي حيث أكد للمسؤولين المغاربة خبر مصرع الطيار واستعداد الحوثيين لتسليم جثمانه من دون شروط لاعتبارات إنسانية"، ليقرر الجيش المغربي إثر ذلك إرسال الطائرة العسكرية لإعادة الجثمان، غير أن عملية التنسيق مع الجانب السعودي استغرقت أكثر مما كان ينبغي ولم تعط النتائج التي كان يتوقعها المغاربة. وعاد بنعمر للوساطة من جديد حيث أقنع الحوثيين باستقبال سيارة إسعاف وطقم حراسة بعثت من صنعاء إلى صعدة من قبل جهات يمنية غير حوثية لإعادة الجثمان. وتواصل التنسيق بعد ذلك مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أن تم تسليم الجثمان ونقله إلى جيبوتي.