خلدت أسرة الأمن الوطني في حفل كبير مساء اليوم السبت بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، الذكرى التاسعة والخمسين لتأسيسها، تحت شعار "الأخلاق والضمير أساس النجاح". وفي مستهل الحفل، استعرض السيدان الشرقي اضريس الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية وعبد اللطيف الحموشي المدير العام للأمن الوطني والمدير العام لإدارة مراقبة التراب الوطني، تشكيلة من مختلف أفواج الشرطة الذين يتلقون تكوينهم بالمعهد. وبهذه المناسبة، ألقى السيد علي أمهاوش ، مدير المعهد الملكي للشرطة كلمة باسم المديرية العامة للأمن الوطني، أكد فيها أن الاحتفاء بذكرى تأسيس الأمن الوطني يكتسي "مكانة متميزة في الذاكرة الوطنية، وتمثل رمزية كبيرة في تاريخ بلادنا المعاصر، لكونها تترجم انتصار إرادة عرش وشعب في مسيرة توطيد الأمن، إيذانا ببداية عهد جديد، عهد التمتع بالحقوق والحريات، والنهوض بالأعباء والواجبات". وحرص السيد أمهاوش، في هذا السياق، على التذكير بأن شعار "الأخلاق والضمير أساس النجاح" الذي تم اختياره للاحتفاء بذكرى تأسيس الأمن الوطني لهذه السنة، مستوحى من التوجيهات الملكية السامية القاضية بدعم الأخلاق في المرفق العام، ومستلهم من الخيارات الاستراتيجية للمملكة "التي تجعل التخليق أساس كل سياسة عمومية في مجال التدبير والإدارة، وهو أيضا مؤشر على الرغبة الراسخة في تثمين العنصر البشري، باعتباره جزء من الرأسمال غير المادي". وانسجاما مع روح هذا الشعار، يضيف مدير المعهد الملكي للشرطة، قامت المديرية العامة للأمن الوطني بإعداد برنامج تدريب مندمج يجمع بين التكوين القانوني والممارسة العملية، ويوافق بين مقتضيات حفظ الأمن والنظام العامين، وبين قدسية الحقوق والحريات، بدون تفريط ولا إفراط. وأشار في هذا الصدد إلى أن عدد المستفيدين من برنامج التكوين الأساسي بلغ 3196 متدربا تخرجوا من المعهد الملكي للشرطة والمدارس التابعة له خلال سنة 2014، في انتظار أن تعرف السنة الجارية توظيف حوالي 4400 مرشحا جديدا من مختلف الرتب. وفي مجال التدريب التخصصي، أوضح السيد أمهاوش، أنه تم تنظيم العديد من الدورات التكوينية، التي أشرف عليها أطر مغاربة وأجانب، واستفاد منها 1496 موظفا في مختلف التخصصات الأمنية، من بينها، على الخصوص، حماية الأحداث ضحايا الجريمة أو في خلاف مع القانون، والاستماع للنساء المعنفات، والشرطة العلمية والتقنية، والحماية المقربة، والسلامة المرورية، والتربية على حقوق الانسان، ومكافحة الجرائم المعلوماتية . أما في ما يخص التكوين المستمر، فقد راهنت المديرية العامة للأمن الوطني على "التكوين غير المتمركز"، عبر خلق حلقات للتكوين على المستوى الجهوي، وهو ما مكن من توسيع عدد المستفيدين الذي ناهز 217 ألف و289 مستفيدا، في مجالات متعددة، من بينها على الخصوص برنامج التكوين في الأمن وحقوق الإنسان الذي تم انجازه بشراكة مع مركز النخيل للدراسات والتدريب والوساطة، والذي استفاد منه أكثر من 400 موظف للأمن ممن يعملون بالأقاليم الجنوبية للمملكة. كما سلط مدير المعهد الملكي للشرطة، في كلمته، الضوء على بعض من منجزات المديرية العامة للأمن الوطني خلال هذه السنة حيث رصد مختلف المشاريع والأوراش التي تم إنجازها أو التي توجد قيد الإنجاز. وأشار في هذا السياق إلى أن المنجزات الهامة في مجال البنيات الأمنية، تشمل بالخصوص إحداث فرقة أمنية جديدة لشرطة البيئة بمدينة العيون، مهمتها المحافظة على المحيط البيئي بالمنطقة، وتوفير أحد الحقوق الأساسية للمواطن، وهو الحق في العيش في بيئة سليمة. كما تم أيضا إحداث منطقة أمنية جديدة بمدينة مكناس وثماني دوائر للشرطة بعدد من المدن، وبناء مقرات جديدة لمجموعة من المراكز الأمنية، وفق هندسة معمارية تنسجم مع الخصوصية العمرانية الوطنية، وتستجيب للمواصفات الضرورية في المرافق العمومية للأمن. وأبرز السيد أمهاوش، أنه قد تم تجهيز هذه المقرات بآليات حديثة، تمكن من استقبال المواطنين في أفضل الظروف، وتسمح بتحسين المنتوج الأمني، مضيفا أنه تم أيضا اعتماد منظومة جديدة لتدبير قضايا الأمن على مستوى دوائر الشرطة تحمل اسم (جيستار)، وهي عبارة عن نظام معلوماتي لتدبير العمل اليومي للدوائر الشرطية، من خلال قواعد بيانات معلوماتية موصولة بين جميع الدوائر في مجموع التراب الوطني والمصالح المركزية، وهو ما يسمح بضمان معالجة سريعة لشكايات المواطنين وتمكينهم من الوثائق الإدارية، فضلا عن توفير إحصائيات دقيقة حول نوعية الجريمة وجغرافيتها. وأضاف مدير المعهد الملكي للشرطة، أن هذه البنيات الجديدة للقرب، مكنت من ضمان الاستجابة الفورية للطلبات الهاتفية للمواطنين، مشيرا إلى استقبال مصالح الأمن خلال سنة 2014 ما يزيد عن 716 ألف و794 اتصالا هاتفيا على الخط رقم (19)، باشرت على إثرها 394 ألف و182 تدخلا ميدانيا، أسفر عن توقيف وتقديم 374 ألف و913 شخصا أمام العدالة. كما تطرق للخدمات التي توفرها المديرية العامة للأمن الوطني على الصعيد الاجتماعي، وذلك بتعاون مع مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لموظفي الأمن الوطني، والتي شملت إحداث مجموعة من المرافق الطبية والصحية وضمان الولوج لعدد من الخدمات الاجتماعية، فضلا عن تقديم مجموعة من الأسعار التفضيلية في مجال قروض السكن والاستهلاك. من جهة أخرى، سلط السيد أمهاوش الضوء على جانب من مساهمة الأمن الوطني في السياسة الجديدة لتدبير الهجرة بالمغرب، مشيرا إلى استقبال المصالح الأمنية ل 12 ألف و996 طلبا لتسوية وضعية إقامة الأجانب بالمملكة، أنجزت منها 12 ألف و840 بطاقة تسجيل، وذلك وفق مسطرة دقيقة تجمع بين حسن الاستقبال من جهة، وتبسيط الإجراءات الإدارية من جهة أخرى. وأشار من جانب آخر إلى قيام المديرية العامة للأمن الوطني بإنجاز ثلاثة ملايين و889 ألف و105 بطاقة وطنية للتعريف الالكترونية خلال سنة 2014، وتهيئة 100 مركز جديد لتسجيل المعطيات التعريفية بمختلف أرجاء المملكة وتجهيزها بأنظمة تكنولوجية حديثة. وتميز هذا الحفل بتقديم رجال وضباط الشرطة المتدربين من الجنسين عروضا مختلفة ومتنوعة تبرز مدى المهنية والاحترافية والجودة العالية التي تطبع التدريبات والتكوينات الأساسية والتخصصية التي يتلقونها بالمعهد من أجل التمكن من الكفاءات والمهارات الضرورية لأداء واجبهم النبيل في حفظ أمن المواطنين واستقرارهم وفي سعيهم الدؤوب لتنفيذ القانون على أكمل وجه. كما شكلت مختلف العروض واللوحات التي تم تقديمها، مناسبة لتسليط الضوء على مختلف التخصصات والشعب والأقسام بالمديرية العامة للأمن الوطني، والتي تتكاثف وتتكامل جميعها من أجل السهر على حماية الأمن ومحاربة مختلف أشكال الجريمة والانحراف، بشراكة مع مختلف الفاعلين المؤسساتيين والجمعويين. وتميزت هذه العروض والوصلات بمساهمة شخصيات من عالم الفن وتلاميذ مؤسسات تعليمية، بما يؤشر على انفتاح المؤسسة الأمنية على محيطها الخارجي، وتفاعلها الإيجابي مع المواطن، ويجسد تصورا جديدا للشرطة المواطنة النابعة من المفهوم الجديد للسلطة الذي أرسى دعائمه صاحب الجلالة الملك محمد السادس. واختتم الحفل ، الذي حضره على الخصوص السيد عزيز الرباح وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك ورئيس الجماعة الحضرية للقنيطرة، والسيدة زينب العدوي والي جهة الغرب الشراردة بني احسن عامل اقليمالقنيطرة، وعدد من سامي المسؤولين المدنيين العسكريين، بتوشيح صدور عدد من ضباط ورجال الأمن الوطني الذين أنعم عليهم صاحب الجلالة الملك محمد السادس بأوسمة بمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين لتأسيس الأمن الوطني، اعترافا بالمجهودات التي بذلوها في أداء مهمتهم في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار والسهر على حماية وضمان سلامة الأشخاص والممتلكات.