أربعة أيام مرت على موت الطفل عصام..ابن مدينة المحمدية الذي التحق بداية هذا الموسم، على غرار رفاقه، بمقاعد الدارسة وأحلام الطفولة تدغدغ مخيلته الصغيرة. كان مصرا على النجاح في الدراسة رغم مستواه المتوسط. غادر بيته وفي قلبه خوف من ان يعاقبه أساتذته، ليعود إلى الحي الذي نشأ فيه جثة هامدة، محمولا على الأكتاف، تنعيه نسوة الحي بالزغاريد. كانت الساعة تشير الى الثانية عشرة بعد الزوال…بدا حي النصر الجديد بمدينة المحمدية، حيث يتواجد بيت الراحل عصام، مظلما يخيم عليه شبح الموت، فلا حديث للساكنة الا عن الطفل عصام "عريس الجنة" الذي ودع العالم قبل حتى ان يفتح عينيه على تفاصيله. كما الحي، بدا بيت عائلة عصام مظلما أيضاً، ورائحة الموت تنبعث في أرجاء البيت الصغير، فالحزن مازال يخيم على المكان، كيف لا وأسرة أوبلال فقدت ابنها في ظروف مازالت إلى حدود الساعة غامضة، والخبر اليقين لحد الان ان عصام لن يسمع صوته بين زوايا البيت..لقد مات وغادر الحياة للأبد. مرت أربعة ايام، والحزن ما زال يعتصر قلب فتيحة بورشيم، أم عصام، التي لم تجف دمعتها بعد. من قلب الألم صارت تحكي ل'اليوم24'، قصة وفاة ابنها، التي يلفها الغموض. كان قلبها منفطر على ابن وضعته تحت التراب، ففي الثلاثاء الماضي، عاد عصام من المدرسة يروي قصته مع مدرسة اللغة الفرنسية، التي هددته بالعقاب إذا لم يحفظ دروسه جيدا. حاول عصام إقناع والدته بمرافقته للمدرسة لتُجنبه عقابا منتظرا، إلا أن الأم لم تفلح في إرضاء المعلمة والتخلي عن فكرة عقابه، فالمعلمة كانت مصرة على ضرب التلميذ، بل وكانت متأكدة أنه لم يحفظ دروسه نظرا لمستواه المتوسط في اللغة الفرنسية. في الوقت الذي زار فيه "اليوم 24" عائلة عصام، كانت الأسرة لا زالت خارج البيت، حيث قصدت مكتب وكيل الملك، لمعرفة نتائج التشريح الطبي. عادت الأم رفقة زوجها وسيفي موسى، رئيس جمعية ‘لا فيكتور' للتنمية والتكوين، خاليي الوفاض، حيث أن التقرير لم يفرج عنه بعد. لدى رجوعها إلى البيت، كانت تحمل والدة الراحل الجرائد الصادرة ليومه الاثنين (22 شتنبر)، والتي غطت حادثة موت ابنها. عناوين مختلفة وآراء متباينة والنتيجة واحدة، أسرة مكلومة على فراق فرد من أفرادها للأبد. "عبد الصمد" الأخ الأصغر لعصام، والبالغ من العمر تسع سنوات، لم يتمالك نفسه عند رؤيته الجرائد التي كانت تحملها والدته، خصوصا عند قرائته لخبر على إحدى الجرائد نفت فيه المعلمة تعنيفها للولد. لم يسعفه سنه الصغير في استيعاب الواقعة، وفور قرائته للجريدة، وكما عاين اليوم 24، ضرب عبد الصمد الطاولة المتبثة أمامه، حتى اهتزت كل الأشياء التي رتبت فوقها. "عبد الصمد" الذي يدرس في نفس المؤسسة الإبتدائية التي شهدت الواقعة، غادر المدرسة بقرار من الأم، التي أصرت على نقله لمؤسسة أخرى، لكي لا يلقى نفس المصير في اعتقادها، "وخا نعرف نخرجوا من المدرسة ومنخليهش ولدي يقرا تما"، هكذا علقت فتيحة على عملية انتقال ولدها. من جهتها، تصر المعلمة على رفع دعوى قضائية ضد أسرة الهالك بتهمة التشهير، هذه الأنباء التي وصلت إلى مسامع أم عصام، التي تؤكد متى سنحت لها الفرصة أنها لا تتهم المعلمة بالقتل، وإنما تتهمها ببث الرعب في قلب طفلها، الشيء الذي تسبب له في سكتة قلبية، رغم الرضوض التي كانت محيطة بعينيه، والتي أكدت إحدى المعارف أنها نتيجة سقوط الطفل عصام بعدما تلقى ضربة من المعلمة. وفي اتصال مع اليوم 24، أكد حسن لوطية، مدير المدرسة الابتدائية الحنصالي، أن حقيقة موت الطفل عصام لا يمكن تأكيدها إلى من طرف معلمة اللغة الفرنسية، وزملاء عصام في القسم، الذين كانوا شهود عيان على الواقعة. "ولدي مات بالخلعة"، كلمات لم تكف والدة عصام في ترديدها على مسامعنا، طيلة مدة حضورنا في بيتها، فالأم التي بدلت جهدا جديدا لإقناع المعلمة بعدم تعنيف ولدها، لم تفلح في المهمة، واستسلمت للأمر الواقع، ووضعت فلذة كبدها بين يدي معلمة. أجمعت روايات الشهود على تعنيف عصام، حيث تلقى أربع ضربات على كفه، وخرج يصارع الموت في ساحة المدرسة، ساحة لا طالما اعتبرها مكانا للهو، حيث يمرح فيها رفقة رفاق الفصل.. مات عصام وترك غصة في قلب عائلته الصغيرة، التي لم تتعود بعد على الغياب المرير للطفل الصغير، ولا حتى أطفال الفصل الذين احتفظوا بمكان عصام شاغرا، وكأنهم ينتظرون دخوله في أي لحظة…ثم سرعان ما يستسلمون بانه لن يعود!!